صحيح أن أمر الأمة اليوم مؤسف.. ولكن
رضوان سلمان حمدان
والدعاة يدقون ناقوس الخطر من مزيد من التردي والانهيار
ولكننا على ثقة ويقين أن الله حافظٌ دينه وكتابه، وناصر هذه الأمة التي ابتعثها لتخرج الناس من الظلمات إلى النور تحمل كلمة الله في الأرض رحمة للعالمين.
ومع ذلك لا ينبغي ولا يجوز أن يغزو اليأس والقنوط قلوب ونفوس وأرواح المسلمين فهذا الغزو إذا تمكَّن لهو أشد خطرا من هزائم الحروب والمعارك وأخطر من الضعف العسكري والسياسي والعلمي الرابض اليوم في المسلمين
من ييأس لا يقوم أبدا مَن قنط فقد مات قلبه وعقله وعمله وماتت همته وعزيمته وتطلعاته وآماله مِن هنا كان الوعيد الشديد من هذه الهزيمة المنكرة والتخويف منها والنهي عنها:
{قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ } قال إبراهيم: إنى لا أيأس من رحمة الله، فإنه لا ييأس من رحمة الله إلا الضالون الذين لا يدركون عظمته وقدرته.
{يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } والثقة في اللَّه تحيى الأمل ولذلك لم يذهب الغم برجاء يعقوب في عودة ولديه إليه، وألقى في روعه أنهما من الأحياء، وأن موعد التقائه بهما قد حان، فأمر بنيه أن ينقبوا عنهما.
وأن هذه الأمة هي أمة الخيرية الناهضة بإذن الله تعالى
وهذا هو سر رعب الأعداء من هذا الدين ومن المسلمين فهو القادر على الانطلاق الصاروخي عند أول فرصة.
أقول: لو أن ما أصاب الأمة أصاب عشرُ معشاره غيرَها لتلاشت من الوجود والتاريخ شاهد.
إن مقومات نهوضنا وانطلاقنا موجود ولكنه ينتظر اللحظة المناسبة والأمة فيها الخير وستأتي هذه الفرصة المنتظرة.. لا بد أن تأتي
يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة) إسناده صحيح
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة) صحيح
*وقد بشرنا رسولنا العظيم الذي لا ينطق عن الهوى أن الخلافة على منهاج النبوة هي آخر المطاف ونحن الآن على أبوابها وما ذلك على الله بعزيز:
(تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا عاضا ، فيكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم يكون ملكا جبريا ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت . ) صحيح رواه أحمد
*وبشرنا بفتح روما والقسطنطينية فنحن ننتظر فتح روما وستفتح روما بالتأكيد... بحول الله وقوته:
عن أبي قبيل ، قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص ، وسئل : أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ؟ فدعا عبد الله بصندوق له حِلق ، قال : فأخرج منه كتابا ، قال : فقال عبد الله : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب ، إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولا : أقسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مدينة هرقل تفتح أولا . يعني : قسطنطينية . رواه أحمد ، والدارمي ، وابن أبي شيبة في المصنف ، وأبو عمر الداني في السنن الواردة في الفتن ، والحاكم ، وعبد الغني المقدسي في كتاب العلم ، وقال : حديث حسن الإسناد . وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا . ( رومية : روما ) .
وقد تحقق الفتح الأول على يد الفاتح العثماني بعد ثمانماية سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح ، وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولا بد.
المدهش في هذا الحديث الرائع أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم متيقنون بهذه الفتوح ، فلا يسألون عن إمكانية وصول الإسلام إليها، بل يسألون مَن تُفتح أولا.. هؤلاء هم الذين حقق الله الانتصارات على أيديهم فهم يتحقق فيهم الإيمان المطلق والتسليم الكامل..
المسلمون اليوم يقرؤون القرآن ويحفظون الأحاديث الشريفة ولكنهم مهزومون داخليا لا يتصورون أن تُفتح روما وقد رأوا أن القسطنطينية فتحت أولا كما أخبر الصادق المصدوق
عدي بن حاتم الطائي فلنقرأ ما أخبر عن رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى ولنستمع لما يقول عدي بعد ذلك:
روى أحمد في مسنده َنْ أبي عُبَيْدَةَ، عَنْ رَجُلٍ، قَال:َ قُلْتُ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ اُحِبُّ أنْ اَسْمَعَهُ مِنْكَ. قَالَ: نَعَمْ لَمَّا بَلَغَنِي خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهْتُ خُرُوجَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً خَرَجْتُ حَتَّى وَقَعْتُ نَاحِيَةَ الرُّومِ – بِبَغْدَادَ - حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى قَيْصَرَ قَالَ: فَكَرِهْتُ مَكَانِي ذَلِكَ اَشَدَّ مِنْ كَرَاهِيَتِي لِخُرُوجِهِ قَالَ: فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَوْلا أتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ فَاِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَضُرَّنِي وَاِنْ كَانَ صَادِقًا عَلِمْتُ، قَالَ: فَقَدِمْتُ فَاَتَيْتُهُ فَلَمَّا قَدِمْتُ قَالَ النَّاسُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ اَسْلِمْ تَسْلَمْ ثَلاثًا. قُلْتُ اِنِّي عَلَى دِينٍ، قَالَ: اَنَا أعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ، فَقُلْتُ: اَنْتَ اَعْلَمُ بِدِينِي مِنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ اَلَسْتَ مِنْ الرَّكُوسِيَّةِ وَاَنْتَ تَاْكُلُ مِرْبَاعَ قَوْمِكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَاِنَّ هَذَا لا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ. قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ اَنْ قَالَهَا فَتَوَاضَعْتُ لَهَا، فَقَالَ: اَمَا اِنِّي اَعْلَمُ مَا الَّذِي يَمْنَعُكَ مِنْ الاِسْلامِ تَقُولُ اِنَّمَا اتَّبَعَهُ ضَعَفَةُ النَّاسِ وَمَنْ لا قُوَّةَ لَهُ وَقَدْ رَمَتْهُمْ الْعَرَبُ، اَتَعْرِفُ الْحِيرَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ اَرَهَا وَقَدْ سَمِعْتُ بِهَا، قَال:َ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الاَمْرَ حَتَّى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارِ اَحَدٍ وَلَيَفْتَحَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، قُلْتُ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ؟! قَالَ: نَعَمْ كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ وَلَيُبْذَلَنَّ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ اَحَدٌ. قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: فَهَذِهِ الظَّعِينَةُ تَخْرُجُ مِنْ الْحِيرَةِ فَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارٍ وَلَقَدْ كُنْتُ فِيمَنْ فَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةُ لاَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهَا.
أرأيتم قول عدي الأخير بكل حسم وجزم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةُ لاَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهَا"
وأنا أيضا أقول بقول عدي وإن بشائر النصر والفتح للمسلمين ظاهرة لكل ذي بصر وبصيرة.
* وقد بشرنا رسولنا الكريم أن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار..
(ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو ذل ذليل ، عزا يعز الله به الإسلام ، وذلا يذل الله به الكفر.) صحيح
(إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها (رواه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وصححه ، وابن ماجه، وأحمد.
نلاحظ قوله صلى الله عليه وسلم: سيبلغ "ملكها" ليدل على أنه بلوغ مُلك وليس بلوغ دعوة فقط وهي متيسرة في هذا الزمان الذي تقارب فيه الزمان والمكان.
أقول ذلك ليزداد الذين آمنوا إيمانا وليعلموا أن وعد الله حق {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ } فاصبر - أيها النبى - على أذاهم، إن وعد الله بنصرك على أعدائك وإظهار الإسلام على كل دين حق لا يتخلف أبدًا، ولا يحملنك على القلق وعدم الصبر الذين لا يؤمنون بالله ورسوله، ولقد صبر عليه الصلاة والسلام وقد تحقق موعود الله الحق وخسر المُبطلون وسيخسرون قريبا بإذن الله تعالى
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } فالدعاة والمجاهدون عليهم العمل والصبر فإما أن يرَوا النصر في حياتهم والتمكين وإما يلاقوا وجه ربهم ويكمل مَن بَعدَهم..
يقول صاحب الظلال رحمه الله تعالى:"ذلك وعد الله للذين أمنوا وعملوا الصالحات من أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يستخلفهم في الأرض. وأن يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم. وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمناً.. ذلك وعد الله. ووعد الله حق. ووعد الله واقع. ولن يخلف الله وعده.. فما حقيقة ذلك الإيمان؟ وما حقيقة هذا الاستخلاف؟
إن حقيقة الإيمان التي يتحقق بها وعد الله حقيقة ضخمة تستغرق النشاط الإنساني كله؛ وتوجه النشاط الإنساني كله. فما تكاد تستقر في القلب حتى تعلن عن نفسها في صورة عمل ونشاط وبناء وإنشاء موجه كله إلى الله؛ لا يبتغي به صاحبه إلا وجه الله؛ وهي طاعة لله واستسلام لأمره في الصغيرة والكبيرة، لا يبقى معها هوى في النفس، ولا شهوة في القلب، ولا ميل في الفطرة إلا وهو تبع لما جاء به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من عند الله.
فهو الإيمان الذي يستغرق الإنسان كله، بخواطر نفسه، وخلجات قلبه. وأشواق روحه، وميول فطرته، وحركات جسمه، ولفتات جوارحه، وسلوكه مع ربه في أهله ومع الناس جميعاً.. يتوجه بهذا كله إلى الله.. يتمثل هذا في قول الله سبحانه في الآية نفسها تعليلاً للاستخلاف والتمكين والأمن: { يعبدونني لا يشركون بي شيئاً } والشرك مداخل وألوان، والتوجه إلى غير الله بعمل أو شعور هو لون من ألوان الشرك بالله.
ذلك الإيمان منهج حياة كامل، يتضمن كل ما أمر الله به، ويدخل فيما أمر الله به توفير الأسباب، وإعداد العدة، والأخذ بالوسائل، والتهيؤ لحمل الأمانة الكبرى في الأرض.. أمانة الاستخلاف.."
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } يا أيها المؤمنون تمسكوا بالصبر، وغالبوا أعداءكم به، ولازموا الثغور لحمايتها، وخافوا ربكم، ففى كل ذلك رجاء فلاحكم.