مكانة الصيام في الإسلام
ربيع شكير
بسم الله والحمد، والصلاة والسلام على رسول الله؛ نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأهله.
وبعد...
فالصيام[1] هو الإمساك عن أشياء مخصوصة في زمن مخصوص من شخص مخصوص بشرائط مخصوصة؛ وذلك بنية التعبد لله عز وجل[2].
وللصيام في الإسلام مكانة جليلة عظيمة؛ فقد شرعه الله سبحانه وتعالى، وجعله رابع أركان الإسلام، وقد وردت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تبين أحكامه، وتوضح خصائصه وفضائله، وتنوه بمنافعه وفوائده، وتتحدث عن منزلته ومكانته، وفيما يأتي ذكر لبعض النصوص التي تقربنا من التعرف على مكانة الصيام في الإسلام[3]، فهو:
أولاً:
أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يقوم إلا بها فعن
ابن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بني
الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة،
وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان»[4].
ثانيــاً: من أفضل العبادات؛ لأن الله سبحانه وتعالى اختصه لنفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه، فليقل: إني صائمٌ، مرتين، والذي نفسي بيده، لخلُوفُ فم الصائم أطيب عند الله تعالى منْ ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيامُ لي وأنا أجزي به، والحسنةُ بعشر أمثالها»[5]، والشاهد على ما ذكرت قوله: «الصيام لي وأنا أجزي به»، وإنما سقت الحديث من أوله لما فيه من فوائد؛ فتأَملها.
ثالثــاً: كفارة للذنوب والآثام؛ فعن حُذَيفة قال: قال عمر رضي الله عنه: من يحفظ حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حذيفة: أنا سمعته يقُول: «فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، تكفرها الصلاة والصيام والصدقة»[6].
رابعــاً: كما جاء في الحديث خصه الله تعالى بباب في الجنة لا يدخل منه أحد إلا الصائمون؛ عن سهل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة باباً يقال له الريانُ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخلُ منه غيرُهم، يقال له الريان، يقال
أين الصائمون، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق، فلم يدخل منه أحد»ٌ[7].
خامســاً: يجعل المسلم يشعر ويحس بآلام إخوته، فيدفعه ذلك إلى البذل والإحسان إلى الفقراء والمساكين، فيتحقق بذلك التكافل والتعاون بين المسلمين.
سادســاً: تدريب وتمرين عملي على ضبط النفس وتربيتها، وهو كذلك تدريب على تحمل المسؤولية وتحمل المشاق.
سابعــاً: يعود الأمة النظام والاتحاد وحب العدل والمساواة، ويكون في المؤمنين عاطفة الرحمة وخلق الإحسان، كما يصون المجتمع من الشرور والمفاسد.
ولا يخفى عليك ما للصوم من فوائد وحكم طبية وإجتماعية وأخلاقية وإيمانية وتربوية، وغيرها من الحكم التي أودعها الله سبحانه وتعالى في هذه العبادة العظيمة التي تعبد بها عباده، فله الحمد والشكر.
هــــــذا، والله أسأل أن ينفع بهذا الكلام كل من انتهى إليه، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا، وأن يزيدنا علماً نافعاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
1-الصَّوْمُ في اللغة: تَرْكُ الطعامِ والشَّرابِ والنِّكاحِ والكلامِ، صامَ يَصُوم صَوْماً وصِياماً واصْطامَ، ورجل صائمٌ وصَوْمٌ من قومٍ صُوَّامٍ وصُيّامٍ وصُوَّمٍ، بالتشديد، وصُيَّم، قلبوا الواو لقربها من الطرف؛ وصِيَّمٍ؛ عن سيبويه، كسروا لمكان الياء، وصِيَامٍ وصَيَامى، الأَخير نادر، وصَوْمٍ وهو اسمٌ للجمع، وقيل: هو جمعُ صائمٍ، انظر لسان العرب: مادة الصوم.
[2]2-وقيل في تعريف الصوم شرعاً غير الذي ذكرت، نحُو قولهم: الصيام هو: الإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مع النية.
[3] -أنظر مقالتنا: مكانة الصلاة في الإسلام.
[4]-صحيح البخاري، كتاب الإيمان: باب الإيمان، وقوله صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس.
[5] -صحيح البخاري: كتاب الصوم؛ باب فضل الصوم: 1894.
[6] -صحيح البخاري: كتاب الصيام؛ باب الصوم كفارة: 1895.
[7] - صحيح البخاري: كتاب الصيام؛ باب الريان للصائمين:1896، أنظر حديث رقم 1897 في نفس الباب؛ فيه فوائد أخرى.