إني عامل معكم يا دعاة الخلافة فاسمعون
أبو أنس
قال تعالى (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ. وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ. إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ. قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ . بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ. وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ. إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ)
توقفت عند هذه الآيات أتدبر وأتفكر، وكأني أعيش واقع هذا الآيات الكريمات، خاصة أن هذه الأيام هي ذكرى سقوط دولة الإسلام الذي كان فيها عزنا ومرضاة ربنا وتحكيم شرعه القويم. توقفت عند هذه الآيات وكأني أسمع وأرى الشهيد حبيب الأنطاكي الذي جاء من أقصا المدينة يسعى، يسعى إلي وإلى أمة الإسلام، يدعوني ويدعو أمة الإسلام إلى اتباع المرسلين، يدعونا إلى الالتزام بعقيدة الإسلام الحقة، يدعونا إلى تحكيم شرع ربنا الذي أوحى به إلى خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، يدعونا إلى العمل مع العاملين إلى استئناف الحياة الإسلامية الذين لا يسألون الناس أجرا وهم مهتدون، يدعونا إلى مؤازرتهم ونصرتهم، يدعونا إلى الأخذ بيدهم، يدعونا إلى الالتفاف حولهم.
ثم تفكرت بالذي علي وعلى أمة الإسلام فعله تجاه داعي الخير الذي جاء من أقصا المدينة يسعى. أأستسلم لما يزين لي الشيطان من خنوع وجبن؟ أأركن إلى الأرض؟ أأستجيب لوسوسة الشيطان وهو يقول لي مالك ولهؤلاء الغرباء؟ هل تستطيع الوقوف أمام زبانية الحكام؟ هل تقوى على السجن؟ هل تقوى على التعذيب المفضي أحيانا إلى الموت؟ أأقف متفرجا وشباب الإسلام يعذبون ويهددون ويشردون ويقتلون لقولهم ربنا الله؟ أوليس هؤلاء الحكام وزبانيتهم لا يملكون دفع الضر عن أنفسهم إذا وقع بهم؟ هل هم يسهرون على رعايتنا وحمايتنا؟ لماذا خلقت؟ وهل خلقت سدى؟ وهل سأحاسب يوم القيامة كما يحاسب هؤلاء الدعاة؟ ماذا يأمرني ربي في هذا الموقف؟ ألم يأمرني ربي كما أمر غيري بنصرة أوليائه وعباده؟ أليس التقاعس في مثل هذا الموقف إثم وخيانة؟ ألست مسؤولا عن موقف المتفرج؟ ماذا سأقول لربي يوم لا ينفع مال ولا بنون؟ ماذا سأقول لربي يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها؟ أأكون كمثل الحبيب الأنطاكي الشهيد الصابر الفائز بالجنة ونعيمها، أم أكون مع من عميت قلوبهم قبل عيونهم، واستهان بأمر الله، وشرع الله، ودعاة الله، فاستحق العذاب في الدنيا والآخرة من العزيز الجبار كما استحقها قوم حبيب الأنطاكي؟
فانهض أخي، وانفض عنك غبار الذل. ولتكن لك إرادة قوية لا يعيقها عائق. وقل بنبرة الأبطال الذين لا يخشون في الله لومة لائم (إني عامل معكم يا دعاة الخلافة فاسمعون)