كن مسلماً

أنس إبراهيم الدّغيم

كن مسلماً

أيّها المسلم:

تذكّرْ حلاوةَ الوصال، يهنْ عليكَ مرُّ المجاهدة1

أنس إبراهيم الدّغيم

جرجناز/معرّة النعمان/سوريا

[email protected]

4

أيّها المسلم: ألزمْ كلَّ جارحةٍ فيكَ شهودَ ربّكَ في كلِّ حين، والزمْ بابهُ سبحانه، فعندَ بابِهِ تحطُّ الرّحماتُ أطمارَها، وتنزلُ العطايا أقدارَها، وتبدي الآلاءُ آثارَها، وتُطلقُ شجرةُ العنايةِ أثمارَها، فإذا نزلتَ ببابه سبحانه فقد نلتَ الأطمارَ، وحقّقتَ الأقدارَ وسرحتَ في مواقعِ الآثارِ ثمّ حظيتَ بالأثمارِ، فداومْ نفسَكَ على زيارةِ مواقعِ الجودِ والإحسانْ، ولا تنصرفْ عنها قاصداً سواها، فليس في سواها غيرُ الخيبةِ والخذلان. (لا تتعدَّ نيّةُ همّتِكَ إلى غيرِهِ، فالكريمُ لا تتخطّاهُ الآمال)[2].

أيّها المسلم: عليك بتقوى الله، فما نفعَ القلبَ مثلُ تقواهُ سبحانه، فإنّها فاتحةُ الخيرات، وجامعةُ الحسناتْ، وبها يحظى العبدُ مقعدَ صدقٍ عندَ مليكٍ مقتدرٍ في أعلى الجنّاتْ، سُكناهُ فيها في ظُللٍ تحوطُها غرفٌ من فوقِها غرفٌ مبنيّاتْ.

((وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا))[3].

أيها المسلم: (لو كنتَ كما تدّعي من أهلِ اللّبِّ والحجى، لأتيتَ بما هو أحرى بك وأحجى، ألا إنّ الأحجى أنْ تلوذَ بالرّكنِ الأقوى، ولا ركنَ أقوى من التّقوى)[4].

واتّقِ الله فتقوى اللهِ ما

جاورتْ قلبَ امرءٍ إلا وَصلْ

ليسَ من يقطعُ طُرْقاً بطلاً

إنّما من يتّقِ اللهَ البطلْ[5]

أيّها المسلم: أنْ تتقي الله، يعني ألا تعصيه حيثُ لا يراكَ غيرُه، فاتّقِ الله ما استطعتَ، واعلمْ أنّ التقوى هي جمالُ الرّوح حيثُ آذاها البعدُ عن المحبوب، وجلاءُ القلبِ حيثُ سوّدتْ صفحتَهُ الذّنوبُ ورانَ عليهِ ما كسبْ، وإنّها سفرُ العقلَِ في ميادينِ الفكرِ والجمال، واعلمْ أنّ لباسَ التّقوى هو خيرُ لباسٍ ترتديه، فلا تستبدلْ به حلّةً لا تدومُ، أو لباساً لا يبقى.

(الدّنيا بجميعِ لذائذها، حملٌ ثقيلٌ وقيدٌ لا يرضى به إلى المريضُ الفاسد الرّوح، فبدلاً من التّعلّقات والاحتياجاتِ إلى كلّ الأسباب، والتملّقِ لكلّ الوسائط، والتّذبذبِ بين الأربابِ المتشاكسين الصّمّ العمي، لا بدّ من الالتجاءِ إلى الرّبِّ الواحد، الذي إنْ توكّلتَ عليه فهو حسبُك)[6].

إنّها التقوى: السّمتُ الذي تُبنى عليه مكارمُ الأخلاق، واعلمْ أنّ (الأخلاقَ الحسنةَ إنّما هي استشعارُ معنى الرّقابةِ الإلهيّةِ في القلب)، وهي حصنُ المسلم الذي يدفعُ عنه، وَبالَ الدّهر وصروفَ القهر، وهي السّفينةُ التي تأخذُ به إلى شاطئ الأمن، وإنّها مُلتقى الكراماتِ وهي خيرُ ما في الحياة.

ألا يرضيك أن تكونَ جليسَ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في يومِ القيامة (أقربكم منّي مجلساً يوم القيامة، أحاسنُكُم أخلاقاً)[7].

فيا أيّها المسلم: (اِحرصْ وفيك بقيّةٌ، على أنْ تكونَ لك نفسُ تقيّة)[8].

أيّها المسلم: لا يزالُ لسانُكَ رطباً بذكرِ الله ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب))، فإنّ ذكرَ الله هو السّرُّ الذي يمدُّ قلبَكَ بالطّاقة، وأوصالَكَ بالحياة، وغدَكَ بالنّجاة، وحياتَكَ بالخاتمةِ الحسنة، وقبرَكَ بالسّعة، وميزانَك بالحسنات، وآخرتَكَ بالجنّة، وليكنْ قلبُكَ مهبطاً لشهودِ خالقك، ولتكنْ روحُك منزلاً لوارداتِ الحضورِ والحبّ.

(واعلم أنّ الحياةَ الكريمة تبدأُ من حرارة ذكرِ الله، والعيشة الرّاضية لا تتأتّى إلا بحرارةِ ذكرِ الله والثّقة بنصره، فلا سبيلَ إلى الحرّيَة إلا بنقاء الفكر من همزات الشّياطين، وإغراء المفسدين، وعفّتِه من أدناسِ الشّرك، وصفائِه من أثرِ الاستعمار)[9].

وإنّ في ذكركَ لله استحضاراً لحبِّ الله في قلبك، ووفاءً لله وشكراً له على نعمائه وآلائه، وطُمأنينةً تغشى طوايا القلب وحلاوةً تغمرُ الجوارح، ولن يبرأ القلبُ من النّزعات وتصفو الرّوح من النّزغات إلا بذكرِ الله عزّ وجلّ , فاجعلْ من وقتِك خميلةً فيها أشجارُ الذّكرِ بَواسِقْ، وأثمارُ التّسبيحِ يَوانعْ، وأزهارُ التّكبيرِ والتّهليلِ روائعْ، وأريجُ الحمدِ والشّكرِ سابقْ.

(لا بدّ من فتراتٍ ينخلعُ فيها القلبُ من شواغلِ المعاش وجواذبِ الأرض، ليخلوَ إلى ربّه ويتجرّدَ لذكره ويتذوّقَ هذا الطّعمَ الخاصَّ للتّجرّدِ والاتّصالِ بالملأ الأعلى ويملأ قلبه وصدرَه من ذلك الهواء النّقيِّ الخالص العطرِ ويستروحَ شذاه)[10].

وكما يطيبُ الذّوقُ بجنى الأثمارِ آنَ القطافْ، وتطيبُ النّسائمُ بتراتيلِ الحمائم، وتميدُ الأغصانُ إذا عَرَضتْ بها الرّقائقُ اللِّطافْ، كذلك يفعلُ ذكرُ الله فعلَهُ في القلوبِ إذا مرَّ بها وطافْ.

تُجتلى الأنوارُ من مضامينِ الغيوب، وتستقرُّ أطيافُ الجلالِ وأوصافُ الجمال في زجاجاتِ القلوب.

تختلبُ العيونَ شاهداتُ الهدى، وتنسابُ في الجوارحِ فصولُ النّدى، وتجذبُ الأرواحَ عائداتُ التّقوى، وتُسكرُ النّفوسَ هاتفاتُ النّجوى، فتَطربُ القلوبُ وكأنّها أُحِلّت دارَ المُقامة من فضله، وتنتشي الأرواحُ وكأنّها أُدخلتْ جنّةَ المأوى.

فالهدايةُ سِدرُها مخضود، والعنايةُ طلحُها منضودْ، والرّحمةُ ظلُّها ممدودْ، سألتِ القلوبُ فاستُجيبتِ الأمانيُّ، وطلبتِ الأرواحُ فبُثَّتْ على رفوفِ العطاءِ الزّرابيّ.

وطارتْ بالخواطرِ الأشواقْ، وغابتْ في خيالِ محبوبِها الأذواقْ، فاليدُ البيضاءُ حاضرةُ العطاء، وكأسُ السُّرورِ دِهاقْ.

هنا صارَ العذابُ عَذباً، وصارَ العذبُ أعذبْ، وكان ربعُ النّورِ ما أقصاهُ، صارَ الرَّبعُ أقربْ، وتهادى رَوْحُ النّعيمِ في مَطارِفِ الرُّوحِ وتشعّبْ، فبأيِّ آلاءِ الإله يُكَذّبْ.

صحَّ بالفقرِ الغنى، وقوبِلتْ بالقَبولِ المنى، ونادى بالأرواح هاتفُ الرّحمن قائلاً: "ثمّ دنا"

شهداءُ عِرفانِ الهدى شهداءُ

دمُهم على أكفانِهم عُرَفاءُ

فإذا حيوا فبذكرِهِ وإذا همُ

ماتوا ففي فردوسِهِ أحياءُ

فكأنّما نَشْرُ الشّذا من نشرِهمْ

وكأنّهم في غيرِهم آلاءُ[11]

(ألا إنّ حقَّ الثّناء، لمن لهُ حُقَّ السّناء، ولا أعلى من ربِّ العرشِ وأسنى، ولا أحسن من أسمائِه الحُسنى، فاستفرغْ في تمجيدِهِ طوقَك، واجتهدْ ألا يكونَ ممجّدٌ فوقَك)[12].

أيّها المسلم: إذا قُمتَ للوضوءِ فطهِّرْ قلبَك أوّلاً من علائقِ الأغيار، واغسلْهُ من أثرِ الذّنوب، واشهد الله في كلِّ جارحةٍ فيك، فإذا غسلتَ يديكَ فما ذلك إلا لتعاهدَ الله على الاستقامة ولكن بيدينِ نظيفتين، ولتكنْ لك في كلِّ ساعةٍ مع ربِّكَ "بَيْعةُ رِضوان"، فذلك مطلبُ المؤمن الحرّ، وإذا أجريتَ الماءَ على جوارحِكَ، فما ذلك إلا لتقبلَ على الله بوجهٍ نظيف وجسدٍ نظيف، فإنها شروطُ الحضورِ بين يديه، والوقوفِ في حضرته.

وإذا قمتَ إلى الصّلاةِ فلتكنْ صلاتُكَ معراجاً إلى محلِّ أُنسهِ، ووقوفاً في محرابِ قُدسِه، ثمَّ لِيكنْ فيها قُرّةُ عينك، وإجماعُ قلبك، واعلمْ أنّ الصّلاة هي: (محلُّ المناجاة، ومعدِنُ المصافاة، تتّسعُ فيها ميادينُ الأسرار، وتُشرقُ فيها شَوارقُ الأنوار، وهي طُهرةٌ للقلوبِ من أدناسِ الذّنوب، واستفتاحٌ لبابِ الغيوب)[13].

وهاأنذا أسوق لك قولاً للدّاعية العظيم بديع الزّمان النورسي والذي أدرك من الصّلاة آفاقاً وغاياتٍ فقال: (إنّ الصّلاة والنّظر إلى الكعبة خيالاً مندوبٌ إليها، ليرى المصلّي حول بيتِ لله صفوفاً كالدّوائر المتداخلة المتّحدة المركز، فكلّما أحاط الصّفُّ الأقربُ بالبيت، أحاط الأبعدُ بعالم الإسلام، فيشتاقُ إلى الانسلاك في سلكهم، وبعد الانسلاك يصيرُ له إجماعُ تلك الجماعة العظمى وتواترهم حجةً وبرهاناً قطعياً عل كلِّ حكمٍ ودعوى تتضمّنها الصّلاة، فإذا قال المصلّي: "الحمد لله"، كأنّه يقول كلُّ المؤمنين المأمومين في مسجد الأرض: نعم صدقت، فيتضاءلُ ويضمحلُّ تكذيبُ الأوهام ووسوسةُ الشّياطين).

أيّها المسلم: إذا ما دخلتَ في الصّلاة فقد ملكتَ زمامَ السّرائر، وصرتَ قاضياً في محكمة الخواطر، فلا يكون منك غير تسبيحٍ وذكرٍ وحمد، واطرقْ بابَ مولاك بالرّكوع بين يديهِ، فإذا ما سجدتَ لله فُتحت أمامك مصاريعُ الغيوب (أقربُ ما يكون العبدُ من ربّه وهو ساجد)[14]، واعلم بأنّ سجودَكَ لله والإطراق بين يديه هو تاجُ الكرامة الذي يبرق فوق رأسك فيجعل من ذاتك حَرَماً حراماً على غير مولاك.

إذا ما جبيني لاصقَ الأرضَ خاشعاً

وردّدْتُ يا سُبّوحُ يا ربُّ عابدا

تغنّيتُ بالتّقديسِ عن عالم الدّنا

وأشرقتُ واستشعرتُ نفسيَ صاعدا

وكنتُ أنا والنّورُ مثنىً فذبتُ في

تجلّيه حتّى عدتُ والنّورُ واحدا[15]

وإنّ السجودَ هو الزّينةُ التي تجمل بها الرّوح فتتعالى عن بَدأةِ الصّلصال والفخار سابحةً في فضاءاتِ الشّهود والوقار نازلةً في منازل الرّحمن.

إنّه الوقت الذي تصفو فيه سماءُ القلبِ من دخانِ الأغيار، لِتَؤُمَّ شطرَ كعبةِ الأنسِ والرّضى العِرفان: (إنّ الإنسانَ في تكوينهِ قبضةٌ من طين هذا العالم، ولكنّ له صدراً لا يقلُّ عن العرشِ كرامةً وسموّاً، فقد أشرقَ بنورِ ربّه وحمل أمانةَ الله. إنّ الملائكةَ تمتازُ بالسّجودِ الدّائم، ولكن من أين لها تلك اللّوعةُ التي امتاز بها سجودُ الإنسان)[16].

فإذا ما انتهيت من صلاتك أيها المسلم، فذلك إقبالٌ على الدّنيا والله في قلبك، فإذا لم تنهك صلاتك عن الفحشاءِ والمنكر فإنّك لم تُصلّ.

وهاأنذا أسوقُ لك مرّةً أخرى كلماتٍ لواحدٍ ممّن أدركوا من أسرارِ الصّلاة الكثير، فاسمعْ إليه وهو يقول: (بالانصراف إلى الصّلاة وجمعِ النّيّةِ عليها، يستشعر المسلمُ أنّه قدْ حطّمَ الحدود الأرضيّة المحيطة بنفسه من الزّمان والمكان، وخرج منها إلى روحانيّةٍ لا يُحدُّ فيها إلا بالله وحده، وبالقيام إلى الصّلاة، يحققُ المسلم لذاته معنى إفراغِ الفكرِ السّامي على الجسمِ كلِّه، ليمتزجَ بجلالِ الكونِ ووقاره، كأنّه كائنٌ منتصبٌ مع الكائناتِ يسبّحُ بحمده وبالتّولّي شطرَ القبلة في سَمتها الذي لا يتغيّرُ على اختلاف أوضاع الأرض، يعرفُ المسلم حقيقةَ الرّمز للمركز الثّابت في روحانيّةِ الحياة، فيحملُ قلبُه معنى الاطمئنان والاستقرار على جاذبيّة الدّنيا وقلقها، وبالرّكوع والسّجود بين يدي الله يُشعر المسلم نفسَه معنى السّموّ والرّفعة على كلّ ما عدا الخالق من وجود الكون، وبالجلسة في الصّلاة وقراءة التّحيّات الطّيبات يكون المسلم جالساً فوق الدّنيا يحمدُ الله ويُسلّمُ على نبيّهِ وملائكته ويشهد ويدعو، وبالتّسليم الذي يخرجُ به من الصّلاة، يُقبلُ المسلمُ على الدّنيا وأهلها إقبالاً جديداً، من جهتي السّلامُ والرّحمة.

هي لحظاتٌ من الحياة كلّ يومٍ في غير أشياءِ هذه الدّنيا لجمعِ الشّهوات وتقييدها بين وقتٍ وآخر بسلاسلها وأغلالها من حركاتِ الصّلاة، ولِتمزيقِ الفناءِ خمسَ مرّاتٍ كلّ يومٍ عن النفس، فيرى المسلم من ورائه حقيقةَ الخلود، فتشعرُ الرّوح أنها تنمو وتتّسع، هي خمسُ صلواتٍ وهي كذلك خمسُ مرّات يفرغُ فيها القلبُ ممّا امتلأ به من الدّنيا، فما أدقَّ وأصدقَ قولَهُ صلّى اللهُ عليه وسلم: «وجُعلت قرّةُ عيني في الصّلاة»)[17].

أجل، إنّها الصّلاة: الشّربةُ الأصفى، في قُبّةِ الكأسِ الأوفى، ونزولٌ في منازل الأنس والودّْ، وطوافٌ حول كعبة الحب والوجدْ، وارتقاء في سماوات الشهودْ، وانصراف بالكليّة إلى المعبودْ.

إنّها إشهادُ من في الأرض على صدق دعوى الحب والهيام، وإشهادُ من في السماء على صدقِ فحوى الذّكر والكلام، وإشهادُ خالق السماوات والأرض على أنّ هذا القلب ملكُه.

ولقد قيل: (إنّه إذا ماتَ المؤمنُ، بكى عليهِ موضعان، موضعٌ في الأرض وموضعٌ في السماء، أمّا الذي في الأرض فهو الذي كان يشهدُ صلاتَه وأمّا الذي في السّماء، فهو الذي كان يصعدُ إليه عملُهُ الصّالح)[18].

نعم، هي حمدٌ باللّسان، ولكن بعدَ أنْ صدعتِ الرّوحُ بالحمد، وهي التّسبيحةُ القدسيّةُ التي تشتركُ فيها كلُّ جارحةٍ في الجسد.

إنّها ترجمانُ العلاقة بين القلبِ والمحبوب، وسفيرُ الرّوحِ إلى فضاءاتِ رحمته، ووثيقةٌ تنصُّ على براءةِ القلبِ من غير الله، وعهدٌ ينصُّ على نجاةِ العبدِ من النّار.

(فلا تسجدْ ولا تركعْ إلا وقلبُك خاشعٌ متواضعٌ على موافقةِ ظاهرك، فإنّ المراد خضوعُ الروح لا خضوع البدن، ولا تقلْ "الله أكبر" وفي قلبك شيءٌ أكبر من الله تعالى ولا تقلْ "وجّهت وجهي" إلا وقلبُك متوجّهٌ بكلِّ وجههِ إلى الله ومعرِضٌ عن غيره، ولا تقلْ "الحمدُ لله" إلا وقلبُك طافحٌ بشكر نعمه عليك فَرِحٌ به مُستبشر، ولا تقل "وإيّاك نستعين" إلا وأنت مُستشعرٌ ضعفَكَ وعجزَكَ وأنّه ليس إليك ولا إلى غيرك من الأمر شيء)[19].

أيّها المسلم: إذا صُمتَ ومنعتَ عن جوفكَ الطّعام والشّرابَ، فليصمْ قلبُك قبل ذلك عن الالتفات إلى غيره سبحانه فإنّ الانصرافَ إلى سواه جلَّ وعلا، إفطارٌ على مائدةِ الشّيطان.

جدِّدهْ حياتَكَ بالصّيامِ

فإنّ فيه غذاءَ روحكْ

داوِ الذي تشكو بتقوى اللهِ تبرأْ من قروحِكْ

وارقَ الذّرا وَدَعِ الثّرى

طالَ المُقامُ على سُفوحكْ[20]

وإذا حججتَ بيتَ الله فَليحجَّ قلبك إلى مَهوى الفؤاد وكعبةِ الأسرارِ قبل أنْ تحجَّ عيناكَ إلى بناءٍ من الأحجار.

وإذا استخلفكَ اللهُ على مالٍ فابسطْ يدكَ راضياً وامنعْها على العيون، فلا خيرَ في يمينٍ تُنفقُ وشمالُها عليها قائمةٌ وبها عالمة.

5

أيّها المسلم: لا تهجرِ القرآنَ، فإنّهُ كتابُ الله، فإذا هجرته فقد فقدتَ الكثير، واعلمْ أنّه رسالةُ اللهِ إليك، فيها ممّا تحبُّ ما لا يُحصيهِ الفهمُ أو يحيطُ به الإدراك، فرتِّلْهُ آناءَ اللّيلِ وأطرافَ النّهار، فإنّ آياتِهِ جذباتُ عشقٍ من حضرةِ الرّحمن، وسورَهُ سوانحُ الرّوح للدّخولِ إلى فِناءِ مملكته، وكلّ كلمةٍ فيه إذنٌ لك بالدّخولِ على الرّبّ العظيم، ينسابُ فيهِ ماءُ الحياةِ فمنهُ وِردُ القلوب، ويجري في مسالكِ الرّوح

فبهِ جلاءُ الذّنوب، تأخذ منهُ الألفاظُ بمجامعِ الألحاظ، وتعزفُ منه المعاني على أوتارِ الرّوحِ، وتُسكرُ منه الآياتُ لا كما تُسكرُ الغَبوقُ أوِ الصّبوح، لا تستقيمُ المباني في نظمٍ كما استقامتْ مبانيه، ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحرُ يمدُّه من بعدهِ سبعةُ أبحرٍ ما نفدتْ معانيه:

(آياتٌ منزلةٌ من حولِ العرش، فالأرضُ بها سماءٌ هي منها كواكبْ، بل الجندُ الإلهيُّ قد نُشِرَ له من الفضيلة علمٌ، وانضوتْ إليه من الأرواحِ مواكبْ، أُغلقتْ دونَهُ القلوبُ فاقتحمَ اقفالَها، وامتنعتْ عليهِ أعرافُ الضّمائر فابتزَّ "أنفالها".

ألفاظٌ إذا اشتدّت فأمواجُ البحارِ الزّاخرة، وإنْ هي لانتْ فأنفاسُ الحياةِ الآخرة، تذكر الدّنيا فمنها عمادُها ونظامُها، وتصفُ الآخرةَ فمنها جنَتُها وصِرامُها، ومتى وعدتْ من كرمِ الله جعلتِ الثّغورَ تضحكُ في وجوهِ الغيوب، وإن هي أوعدتْ جعلت الألسنةَ ترعدُ في حمى القلوب.

ومعانٍ بينا هي ترويك من ماءِ البيان، ورقّةٌ تستروحُ منها نسيم الجنان، ونورٌ تبصرُ به في مرآةِ الإيمانِ وجهَ الأمان، وبينا هي ترفُّ بندى الحياة على زهرة الضَمير، وتخلقُ لأوراقها من معاني العبرة معنى العبير، وتهبُّ عليها بأنفاسِ الرّحمة فتَنِمُّ بسرِّ هذا العالم الصّغير، ثمّ بينا هي تتساقطُ من الأفواه تساقطَ الدُّموع من الأجفان، وتدعُ القلبَ من الخشوع كأنّه جنازةٌ ينوحُ عليها اللّسان، وتمثّلُ للمذنب حقيقةَ الإنسانيّة حتّى يظنَّ أنّه صنفٌ آخرُ من الإنسان، …………، لا جرم أنّ القرآن سرُّ السّماء، فهو نورُ الله في أفقِ الدّنيا حتّى تزول، ومعنى الخلود في دولةِ الأرضِ إلى أن تدول)[21].

أيّها المسلم: ما أجملَ أن تكلّمَ المولى، وأنت العبدُ الضّعيفُ وهو الرّبُّ العظيم، إنّها لساعةٌ تُنسيك ما قبلها، إنّه الكلامُ مع الله، ملتقى السّرِّ مع من يعلمُ السّرَّ وأخفى، وملتقى الحيرانِ مع نارِ الهداية، وملتقى السّفينِ الشّاردةِ مع مناراتِ المرافئ، إنّه لقاءُ الرّوح مع مطلوبِها، والأملِ مع غايته: (كلُّ آيةٍ من آياته الجليلة، كعصا موسى عليه السّلام، تفجرُ الماء أينما ضربت، إنّهُ شمسُ الكواكبِ السّيّارة، والمنبعُ السّلسبيل الباعث على الحياة، يتلو آياتِ الكائناتِ في مسجدِ الكونِ الكبير هذا، فلننصتْ إليه، ولنتنوّرْ بنوره، ولنعملْ بهديِهِ الحكيم، حتّى يكونَ لسانُنا رطباً بذكرهِ وتلاوتِه)[22].

أجل أيّها المسلم: (اجعلْ كتابَ الله نجِيّكَ فنعمَ النّجيّْ، وإنّكَ لحريٌّ بمناجاتهِ حجيّْ)[23]، فإنّ ما تستشعرُهُ الرّوحُ وهي تطوفُ في مثانيِّ الكتاب من السّعادة والطّمأنينة والنّشوة لَيضيقُ عن الحصرِ والإحاطة، فإذا رتّلتَهُ كان لك هذا في دنياك، ويُقالُ لك في يوم القيامة: (اقِرأْ وارقَ ورتّلْ كما كنتَ ترتّلُ في الدّنيا)[24].

فأقبلْ على كتابِ الله، تهذّبُ به لسانَكَ فينتظمْ، وقلبَكَ فيستقيم، وتسقي بنَميرٍ وحيِهِ قفرَ الضّمير، ينبعث أكمامَ خيرٍ وزهورَ إيمان.

(فاجتهدْ بأن تحاذي بوجهِ قلبكَ شطرَ شمسِ القرآن، وتستضيءَ بأنواره كذلك، فإنْ لم تطقْ ذلك فأصغِ إلى النّداءِ الواردِ من جانبِ الطّورِ الأيمن، فإن آنستَ من جوانبهِ ناراً، فخذْ منهُ قبساً، وأشعلْ منه سراجاً، فإن كان زيتُك صافياً يكادُ يضيءُ ولو لم تمسسْهُ نار، فإذا مسّتْهُ النّارُ انبعثَ منه الضّياءُ، ووجدتَ على النّارِ هدى، وقام في حقّك مقامَ الشّمسِ المنتشرةِ الإشراقِ والضّياء)[25].

أيّها المسلم: (اِقرأ القرآنَ كأنّهُ أُنزلَ عليك)[26]، وأرسلْ فيهِ عينَ التّفكّر وجارحةَ التدبّر، فإذا رُزقتَ الفهمَ عنه رُزقت البراءةَ من الإثم، والعصمة من الموبقات، والرّاحة في الحياة، والخوف من الخوف، فإنّكَ في معيّةِ الله ما دمتَ تسلكُ القلبَ بين دُفّتيه، وتأمّلْ في كلامِ سيّدنا جعفر الصّادق رضي الله عنه بعدَ أن رُزِقَ الفهمَ عنه والعلمَ به: (عجبتُ لمن خاف ولم يفزعْ إلى قول الله سبحانه ((حسبنا الله ونعم الوكيل)) فإنّي سمعتُ الله يعقبها بقوله: ((فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)).

وعجبتُ لمن اغتمَّ ولم يفزعْ إلى قوله سبحانه: ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين))، فإنّي سمعتُ الله يعقبها بقوله: ((فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)). وعجبتُ لمن مُكرَ به ولم يفزعُ إلى قولِ الله , فإنّي سمعتُ الله يعقبها بقوله: ((فوقاه الله سيئات ما مكروا)). وعجبتُ لمن طلبَ الدّنيا وزينتها، كيف لا يفزعُ إلى قولِ الله: ((ما شاء الله لا قوة إلا بالله))، فإنّي سمعتُ الله يعقبها بقوله: ((إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك))[27].

6

أيّها المسلم: إنّ فاتحةَ هزائمِ المرءِ هي هزيمتُهُ أمامَ نفسه، فلا تضعفْ أمام نفسك، فإنّ النفسَ إذا بسطتْ سلطانها على المرء أردتْهُ طريحَ الأدواء والعلل، وإنها من أولياءِ الشّيطانِ، فاكبحْ جُماحَها بذكرِ الله وبالقرآن، وقيّدْها بقيودِ الإيمان:

وخالفِ النّفسَ والشّيطانَ واعصِمها

وإنْ هما محّضاكَ النّصحَ فاتّهمِ

ولا تطعْ منهما خصماً ولا حكماً

فأنتَ تعرفُ كيد الخصمِ والحكَمِ[28]

أيّها المسلم: لا يغرنّكَ طولُ العمر، فما أهلكَ من هلك إلا طولُ الأملِ ونقصُ الرّجاء، فماهي إلا سنّي قليلة وتنقضي، وكما قيل: (من عدَّ غداً في أجلِهِ فما أحسنَ صحبةَ الموت)، فاذكر الموتَ هاذمَ اللّذّات، وليكن الموت عندك فراراً إلى الله بقلبِ راغب، ولا يكوننّ سَوقاً بسلاسل القهرِ، فما الموتُ إلا لقاء الحبيب، وإنهُ الميعادُ الذي إذا جاء ألفيتَ كلّ تميمةٍ لا تنفع:

وما المالُ والأهلون إلا ودائعٌ

ولا بدّ يوماً أنْ تُردَّ الودائعُ[29]

(يا ابن أمي وأبي هات، حديثَ الآباء والأمّهات، وحدّثْ عن رجالِ العشيرة، وكرامِ الأخلاءِ والجيرة، من الجارِ الجنب، وماسّ الطُّنُب، ومن جاثنياهُ على الرّكبْ، وجاريناه في كشفِ الكربْ، ومن رفدنا بالخير ورفدناه، ومن أفادنا الحكمةَ وأفدناه، قد اقتضاهم من أوجدهم أن يفنَوْا، وخلتْ منهم الدّيارُ كأن لم يغنَوْا، وكفى بمكانهم واعظاً لو صودفَ من يتّعظ، وموقظاً عن الغفلةِ لوْ وُجدَ من يستيقظ)[30].

واعلمْ أنّ الموتَ عند أهل الصدقِ والإيمان الحقّ هو ترجمانُ الشّوقِ إلى الله ولقائه، وإنّه عودةُ الرّوحِ إلى وطنها الأوّل، ولقاء صاحب الملك.

ولقد سُئلتُ مرّةً: ما هو دواءُ الشّوق؟ فقلتُ: هو الموت، فقال ليَ السّائلُ: ولكنّي أسمعهم يقولون: إنّ دواءَه اللّقاء، قلتُ: أجلْ؛ هو ذاك، ولكن من تلاقي؟ فقال: ألقى الحبيب، فقلتُ له: ومن هو حبيبُك؟ فَبُهتَ الذي فكّرْ‍‍‍‍!!!!

إنّه إغماضُ العينين، ولكنّه انفتاحُ القلبِ على عالم السّماء، وإنّه سكونُ الجوارحِ والأعضاء، ولكنّه طيرانُ الرّوح إلى فضاءِ الشّهودِ واللّقاء.

أيّها المسلم: لا تنسَ الموتَ فتخلدَ إلى الحياة، ولا تنسَ اللّقاءَ، فيبعدَ قرارُك ويشطَّ مزارُك، وكنْ مع الله دائماً، واعلمْ أنّه ((إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون))[31]، فلا يأتينّكَ الموتُ وأنت عنه لاهٍ وعن الحقوق ساهٍ، وليكنْ إذا ما جاءكَ حبيباً جاء على شوق، فما هي إلا نزعةٌ أو سكرة، حتّى تلحقَ بالرّكب، وما هي إلا طرفةُ عين حتى تكون في جنّاتِ النّعيم بإذنِ ربّ العالمين.

فهذا بلالٌ الحبشيّ رضي الله عنه، يعالجُ سكراتِ الموت، فتندبه زوجه وتقول:

وابأساه.. واحزناه، فيقول لها: بلْ قولي وافرحاهُ واطرباه، غداً ألقى الأحبّة، محمّداً وصحبَه.

طاروا على أجنحةِ الشّوق، وفنوا عن العوالم والخلق، وغابوا في الملك الحقّ، فالموتُ عندهم حياة، وسكراتُه جذباتُ عشقٍ من كفِّ الحبيب.

وهذا معاذُ بن جبلٍ رضي الله عنه يقولُ وهو يُغالبُ سكراتِ الموت: أيْ ربّ.. اخنقي خنقاتِك، فوعزّتك وجلالك إنّي أحبّك.

نعم: إنّه الموت، طريقٌ إلى حضرةِ الرّحمن، وما وارداتُه إلا حدواً لقوافلِ العشقِ السّائرةِ إليه.

أيّها المسلم: إذا جاءكَ الموتُ فعلّم قلبَكَ أنْ يقول: ((وعجلت إليك رب لترضى))[32].

أيّها المسلم: لا تسلِمْ قلبك للكرى، واهجرْ فراشَ راحتك، وأجبْ داعيَ الإيمان في قلبك، فإنّ لله في كلِّ لحظةٍ هاتفَ صلةٍ لمن أرادَ أن يتّصلَ به سبحانه، وأزحْ عن قلبك ستورَ اللّيل، وقمْ بينَ يدي مولاك متبتّلاً متملّقاً، فما أجمله من مكان، إنّه مكانٌ يطهر فيه القلبُ وتسمو فيه الرّوح في مراقي الدّرجات، وتبتلُّ فيهِ الجوارحِ بندى الحبِّ المتساقط من رحيقِ حضرته سبحانه، وتغتسلُ فيه النّفسُ من السّوء، وتنفلتُ من دائرةِ القطيعة والجفاء، إنّه القيامُ بين يديه، إنّها لساعةٌ هي بالعمر كلّه، ساعةٌ أنت جارُ الحبيب، تخلو به عن أعينِ الرّقباء، تناجيهِ بملكاتِ النّفس الطّاهرة وحضور القلبِ الطّهور، وبجوارحكَ الذّاكرة الشّاكرة، فلا يكون منك في هدوء اللّيل إلا أنين الفؤاد المجروح والكبد القريحة.

(إنّه الأفقُ الوضيءُ الكريم، الأفقُ الذي يكبرُ فيه الإنسانُ لأنّهُ يطامنُ من كبريائه، وترفُّ فيه روحُهُ وضيئةً لأنّها تعنو لله! إنّه الانطلاقُ من قيودِ الذّاتِ ليصبحَ البشرُ أرواحاً من روحِ الله، ليس لها حظٌّ في شيءٍ إلا رضاه)[33].

               

[1] نفس المصدر السابق.

[2] ابن عطاء الله السّكندري رضي الله عنه.

[3] سورة الجن: الآية /16/.

[4] من المقامات لجار الله، أبي القاسم الزّمخشري رضي الله عنه.

[5] من لاميّة: ابن الوردي، وهو من كبار الشعراء والأدباء.

[6] من كتاب: (المثنوي العربيّ النّوريّ)، للعلّامة الكبير: بديع الزّمان سعيد النّورسي رحمه الله.

[7] عن مكحول عن أبي ثعلبة مرفوعاً.

[8] من (أطواق الذّهب في المواعظ والخطب) للزمّخشري رضي الله عنه.

[9] من ديوان: يا أممَ الشّرق، لمحمد إقبال رحمه الله.

[10] في ظلال القرآن: سيّد قطب رحمه الله.

[11] للمؤلّف.

[12] أبو القاسم الزّمخشري رضي الله عنه: نفس المصدر السابق.

[13] ابن عطاء الله السّكندري رضي الله عنه.

[14] في صحيح مسلم: من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.

[15] للشّاعر: عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله.

[16] د. محمّد إقبال رحمه الله.

[17] من كتاب: وحي القلم، للأديب العظيم مصطفى صادق الرافعي رجمه الله.

[18] نقلاً عن كتاب: (خواطري حول القرآن الكريم)، للشيخ الجليل: محمد متولي الشعراوي رحمه الله.

[19] من كتاب: (الأربعين في أصول الدّين)، لأبي حامدٍ الغزاليّ رضي الله عنه.

[20] عمر بهاء الدّين الأميري رحمه الله.

[21] من كتاب (الإعجاز في القرآن والبلاغة النبويّة): للأستاذ مصطفى صادق الرّافعي رحمه الله.

[22] من كلام: بديع الزّمان النورسي، في كتابه: (المثنوي العربي النوري).

[23] (المقامات) لأبي القاسم الزّمخشري رضي الله عنه.

[24] رواه أبو داود والنسائي والترمذي من حديث: سفيان الثّوري، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيح.

[25] من كلام: الإمام أبي حامد الغزاليّ رضي الله عنه: نفس المصدر السابق.

[26] من وصايا الإمام: محمد نور لابنه محمّد إقبال رحمهما الله.

[27] نقلاً عن كتاب: (خواطري حول القرآن الكريم)، للمرحوم الشّيخ: محمد متولي الشّعراوي.

[28] من قصيدة البردة: للإمام البوصيري رضي الله عنه.

[29] لأبي ذؤيب الهذليّ: من شعراء العصر العبّاسي.

[30] (أطواق الذهب في المواعظ والخطب) لجار الله الزّمخشري رضي الله عنه.

[31] الأعراف: الآية /34/.

[32] طه: الآية /84/.

[33] في ظلال القرآن: سيّد قطب رحمه الله.