الإيمان وحسن الخلق
شجرة وثمرة
د.نيفين عبد الخالق
ما أحوجنا أن نتحدث عن الأخلاق و نحن نرى حالة التردى و الانحدار عند بعض من يشيع لديهم روح الأثرة والأنانية، و الترخص فى كثير من الأمور، و التهاون فى عديد من التكليفات، الأمر الذى يستدعى منا وقفة نذكر بها فالذكرى تنفع المؤمنين.
فأى مجتمع من المجتمعات الإنسانية لايمكن أن يعيش أفراده فى تفاهم و تعاون و سعادة مالم يرتبط بروابط من الأخلاق الكريمة، فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية لايستغنى عنها مجتمع من المجتمعات، و لمكارم الأخلاق مكانة كبيرة فى الإسلام حتى إن الرسول (ص) عدها بمثابة الغاية والهدف من بعثته، وعنوانا جامعا لرسالة الإسلام فى قوله(ص) "إنما بعثت لأتمم مكارم(صالح) الأخلاق" (رواه أحمد وصححه ابن عبد البر،وأخرجه الحاكم فى المستدرك2/313)، وكان سيد المرسلين(ص) المثل الأعلى فى حسن الخلق، وقد استطاع أن يملك القلوب و يقنع العقول و استحق الثناء فى قوله تعالى :"وإنك لعلى خلق عظيم"(القلم4)، كذلك قال تعالى:"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"( آل عمران 159)،ولقد صار حسن الخلق مطلبا ملحا للأمة تستعيد به مكانتها بين الأمم وتعيد به تقديم الإسلام للعالم كدين يحض على مكارم الأخلاق، فقديما دخل الناس فى الإسلام"أفواجا" لما رأوه من حسن المعاملة وجميل الأخلاق من المسلمين الفاتحين، وليس أدل على عناية الإسلام بحسن الخلق، من المكانة التى أعطاها لمن يتحلى به فقد روى أبو الدرداء عن الرسول (ص) قوله:"مامن شىء يوضع فى الميزان أثقل من حسن الخلق"(البخارى فى الأدب المفرد1/368)، وتحفل السنة النبوية المطهرة بعديد من الأحاديث التى تحض على مكارم الأخلاق،وكذلك الآيات القرآنية فى محاسن الأخلاق فوق الحصر،ونذكرعلى سبيل المثال وصايا لقمان لابنه فى سورة لقمان، وماذكر من وصايا للمؤمنين فى سورة الإسراء،كذلك آداب الاستئذان فى سورة النور، وماجاء فى سورة الحجرات والأحزاب مما يمكن أن نسميه بدستور الأخلاق أو مدونة السلوك التى يتصف بها المسلم الذى عمر الإيمان قلبه، فأثمر سلوكا ومعاملة تمثل واقعا حيا ينطق بشكل عملى هذا هو الإسلام. ويكفى أن نذكر من القرآن الكريم آية يرى بعض الفقهاء أنها جمعت مكارم الأخلاق فى قوله تعالى:"خذ العفو وأمربالعرف وأعرض عن الجاهلين"(الأعراف199).
وبعد أن أبحرنا معا نجمع شذرات حول الإيمان وحسن الخلق أضع بين أيديكم بعض علامات حسن الخلق ليفتش كل منا بداخل نفسه ليرى ماذا لديه منها وماذا ينقصه، وهى كما ذكر بعض العلماء عمن يقال عنه أنه حسن الخلق ،أن يكون كثير الحياء، قليل الأذى، كثير الصلاح، صدوق اللسان،قليل الكلام،كثير العمل، قليل الزلل،قليل الفضول،برا وصولا، صبورا شكورا، رضيا وفيا عفيفا، لا لعانا و لا سبابا ولا نماما ولامغتابا، ولا عجولا ولا حقودا ولا بخيلا ولا حسودا، هشاشا بشاشا، يحب و يبغض، و يرضى ويسخط فى الله تعالى وحده.