لم يقل لي: لم فعلته
د. بسام داخل
[email protected]
لو
تأملنا حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر
سنين، ولم يقل له لشيء فعله:" لم فعلته؟" ولا لشيء تركه:" لم تركته؟" فما هي دلالات
هذا الحديث؟
من
الواضح أنه يدل على حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، من حيث التسامح والإحسان، مع
القريب والبعيد، والعدو والصديق، فقد وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها أعظم وصف
فقالت:" كان خلقه القرآن" وأنعم به من خلق!
هناك معنى آخر يمكن ملاحظته في الحديث، هو التعامل الراقي الذي غدا المسلمون
يعاملون بعضهم بعضا، بدءً من رسول الله ص، جعل هذا الشاب الحدث لا يتصرف إلا وفق ما
يريده ص، فهو تصرف مبرمج على الخير، فإن حصل شيء مخالف، لا يقابله الرسول صلى الله
عليه وسلم بشكل مباشر فيسأله عن سبب هذا الفعل، وإنما يعود إلى أسباب المشكلة
ليحلها بكل سهولة ويسر ومحبة.
وقد
ورد أنه صلى الله عليه وسلم أوصى أنسا (أو فتى آخر)، بحاجة له أن يقضيها، فلما تأخر
بحث عنه، فوجده يلعب مع الفتيان، فسأله صلى الله عليه وسلم عن حاجته بأسلوب محبب
ليس فيه تعنيف أو تقريع.
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه بالابتسامة والحب، كبارا
وصغارا.
للطفل:" يا أبا عمير ما فعل النغير ؟!" وكان صلى الله عليه وسلم إذا مر بصبيان
يلعبون سلم عليهم، وكان يزور أصحابه ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم، وكان يستقبله
الأطفال عند عودته من المعركة، فيركبهم معه.
وأوصى معاذا رضي الله عنه بلغة محببة:" يا معاذ إني أحبك! لا تدعن دبر كل صلاة أن
تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
وهكذا ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحب والتعامل الراقي.