فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
عبد المعز الحصري
[email protected]
قال الله تعالى
" مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (97) النحل
جاء في تفسير " فلنحيينّه حياة طيبة "
1- في تفسير القرطبي ج 10 ص 174
-
إنه الرزق الحلال
، قاله ابن عباس و غيره .
-
القناعة ، قاله
الحسن البصري و قول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه
-
توفيقه إلى الطاعات
فإنها تؤديه إلى رضوان الله ، قا ل معناه الضحاك
-
و قيل السعادة ، روي عن ابن عباس أيضاً .
-
و قال أبو بكر الوراق : هي حلاوة الطاعة .
-
و قال جعفر الصادق :
هي المعرفة بالله و صدق المقام بين يدي الله
و قيل الاستغناء عن الخلق و الافتقار إلى الحق .
و قيل الرضا بالقضاء
2- في تفسير الطبري ج 17 ص 290 – 293
قال ابن عباس ( الرزق الطيب في الدنيا )
قال الضحاك : الرزق الطيب الحلال .
و قال الضحاك : يأكل حلالاً و يلبس حلالاً .
و قال آخرون : بأن نرزقه القناعة .
و قال آخرون : بل معنى ذلك الحياة في الجنة .
3- وفي تفسير ابن كثير ج4 ص601
و الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت
4- في ظلال القرآن يقول سيد قطب رحمه الله : أن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه
حياة طيبة في هذه الأرض ، لا يهم أن تكون ناعمة رغدة ثرية بالمال ، فقد تكون به و
قد لا يكون معها ، و في الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب به الحياة في
حدود الكفاية ، فيها الاتصال بالله و الثقة به و الاطمئنان إلى رعايته و
ستره ورضاه ، و فيها الصحة و الهدوء و الرضا و البركة و سكن البيوت و مودات
القلوب ، و فيها الفرح بالعمل الصالح وآثاره في الضمير و آثاره في الحياة ،
وليس المال الا عنصرا واحدا يكفي منه القليل حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى
وأبقى عند الله ، وأنّ الحياة الطيبة في الدنيا لا تنقص من الاجر الحسن عند الله
، وأنّ هذا الاجر يكون على أحسن ماعمل المؤمنون العاملون في الدنيا ، ويتضمن هذا
تجاوز الله لهم عن السيئات فما أكرمه من جزآء وما أحسنه من عمل .
5- في تفسير الرازي ج 9 ص462
يقول الرازي – رحمه الله – ان عيش المؤمن في الدنيا أطيب
من عيش الكافر لوجوه
الأول
: أنّه لما عرف أنّ ّرزقه انما حصل بتد بير الله تعالى ، وعرف أنّه تعالى محسن
كريم لايفعل الا الصواب ، كان راضيا بكل ماقضاه وقدره ، وعلم ان ّمصلحته في ذلك ،
أما الجاهل فلا يعرف هذه الاصول ، فكان أبدا في الحزن والشقاء
وثانيهما
: أنّ ّالمؤمن أبدا يستحضر في عقله أنواع المصائب والمحن ويقدر وقوعها ، وعلى
تقدير وقوعها يرضى بها ، لأن الرضا بقضاء الله تعالى واجب ، فعند وقوعها لايستعظمها
، بخلاف الجاهل فانه يكون غافلا عن تلك المعارف ، فعند وقوع المصائب يعظم تأثيرها
في قلبه ،
وثالثهما
: أن قلب المؤمن منشرح بنور معرفة الله تعالى ، والقلب اذا كان مملوءا من هذه
المعارف لم يتسع للأحزان الواقعة بسبب أحوال الدنيا ، أما قلب الجاهل فأنّه خال عن
معرفة الله تعالى ، فلا جرم يصير مملوءا من الأحزان الواقعة بسبب مصائب الدنيا ،
ورابعها
: أنّ المؤمن عارف بأن خيرات الحياة الجسمانية خسيسة ، فلا يعظم فرحه بوجدانها
وغمه بفقدانها ، أما الجاهل فانه لايعرف سعادة أخرى تغايرها فلا جرم يعظم فرحه
بوجدانها وغمه بفقدانها ،
وخامسها
: أنّ المؤمن يعلم ان خيرات الدنيا واجبة التغيير سريعة التقلب فلولا تغيرها
وانقلابها لم تصل من غيره اليه . انتهى
قال عبد المعز الحصري : ان حياة المؤمن مع الله تعالى ( بأنواع العبادات ) بمرتبة
الاحسان لهي من أكبر نعم الله على عبده واسعاده له ولهي الحياة الطيبة بحقيقتها ،
فعين السعادة وكمالها هي في الجنة قال الله تعالى " وأما
الذين سعدوا ففي الجنة " ، أما في الدنيا فكلما أخلص المؤمن في العبادة وجد
حلاوة لها ، فيسعد بذلك فقد يجد السعادة في الصلاة ( لو علم الملوك مانحن فيه في
الصلاة من سعادة لحاربونا عليها ) ، أو في الانفاق أو في الخلوة مع الله أوفي
الجهاد في سبيله (فزت ورب الكعبة ) فكمال السعادة في كمال التقوى ،”اتقوا
الله حق تقاته"
عندها تغلب الروح على الجسد فلا يشعر المؤمن با لتعب والكسل في الطاعة وقال بعض
السلف : ( من جهل فضائل الأعمال ثقلت عليه في كل الأحوال ) ، ولقد كان من دعا ئه
صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة " اللهم أعني على ذكرك
وشكرك وحسن عبادتك " وكان من دعاء سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري – رحمه
الله تعالى - في صلاة الفجر(... وأقمنا بصدق العبودية بين يديك ...) ، قلت: وصدق
العبودية تسبقها معرفة الله تعالى وتليها خشية الله ومحصلة ذلك ونتيجته تقدير العبد
لربه واجلاله حق قدره وجلاله وعظمته ، والله أعلم ، قال بعض العارفين : يموت
الناس ولايذوقون أطيب مافي الدنيا ، قيل وما أطيب مافيها ، قال معرفة الله .
وصلى الله وسلم- على أسعد مخلوقاته – سيد نا محمد وآله
وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين.