الحياء من أعظم أخلاق الإسلام
رضوان سلمان حمدان
الحياء من أعظم أخلاق الإسلام بلا ريب، ولا تكون الأخت ملتزمة بحق حتى تتصف بهذه الصفة العظيمة .. عن ابن عباس قال: قال رسول الله "إن لكل دين خلقاً، وإن خلق الإسلام الحياء" [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني] ..
والحياء مُشتق من الحياة وهو أعز ما فيها .. وعلى حسب حياة القلب، يكون فيه قوة خُلُق الحياء .. وقلة الحياء من موت القلب والروح، فكلما كان القلب أحيى كان الحياء أتم .. [مدارج السالكين (2,42)]
فمن يَمُنَّ الله سبحانه وتعالي عليها بخلُق الحياء، فإنه دليل على حياة قلبها.
وللحياء فضائل كثيرة، جعلته يحظى بتلك المكانة العظيمة في ديننا
..
منها أنه:
1) صفة من صفات الله جلَّ وعلا .. قال رسول الله "إن الله رحيم حيي كريم، يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع فيهما خيرا" [رواه الحاكم وصححه الألباني].
الله جلَّ جلاله يستحيي أن يرد يد عبده، ونحن لا نستحي أن نخالفه ونعصي أمره ؟!!
2) علامة إيمانِك أن تزدادي حياءً .. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله "الحياء والإيمان قرناء جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر" [رواه الحاكم وصححه الألباني].
3) الحياء شعبة من الإيمان .. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار" [رواه أحمد وصححه الألباني] .. وقال أيضًا "..والبذاء من النفاق .." [رواه الطبراني وصححه الألباني] ..
فصفة الأخت المؤمنة أنها حيية، أما المنافقون والعصاة فصفتهم الجرأة والكلام الفاحش.
4) اتباع هدي النبي .. عن أبي سعيد الخدري قال: كان النبي أشد حياءً من العذراء في خدرها .. [متفق عليه].
وقد دعانا النبي للتخلُق بالحياء .. عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله "الحياء لا يأتي إلا بخير" . وفي رواية "الحياء خير كله" [متفق عليه].
وروي عن قرة بن إياس رضي الله عنه قال: كنا مع النبي فذُكِر عنده الحياء، فقالوا: يا رسول الله الحياء من الدين؟، فقال رسول الله "بل هو الدين كله" [رواه الطبراني وصححه الألباني]
وتأملي حياء أمنا عائشة رضي الله عنها، نِعم المرأة المؤمنة التقية النقية ..
عن عائشة قالت: كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله وإني واضع ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دُفِن عمر رضي الله عنه معهم .. فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياءً من عمر . [رواه أحمد وصححه الألباني].
هذا حياؤها مع الأموات، فما بال الأحياء؟!
أما في زماننا هذا، فللأسف نجد الكثير من المظاهر السيئة التي تنافي الحياء حتى في وسط الأخوات الملتزمات ..
ومن تلك الصفات السيئة التي عليكِ اجتنابها وتحذير أخواتك منها ..
1) الكلام الفاحش .. الذي تخوض فيه بعض الأخوات .. وبعضهن قد يقمن بإفشاء أسرار بيوتهن بشكل غير لائق، وهذا أمر لا يجوز .. قال رسول الله "إن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة" وفي رواية "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" [رواه مسلم].
2) التساهل في مخاطبة الرجال الأجانب .. وترقيق الصوت أمامهم سواء في الهاتف أو في تعاملاتها في الأسواق أو غيرها، وكذا ما يحدث من تبادل للمحادثات والرسائل الإلكترونية على الإنترنت .. والله تعالى يقول {.. فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]
والأصل أن الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبيين لا يكون إلا لحاجة .. كبيع أو شراء أو سؤال العالم عن مسألة شرعية، بشرط أن يكون الكلام بقدر الحاجة مع عدم ترقيق الصوت أو اللين بالقول.
3) رفع الصوت بطريقة لا تتلائم مع وقار الأخت المسلمة .. والكلام والضحك بصوت مرتفع في الأماكن العامة .. وقد نُهيت المرأة عن رفع صوتها بالتسبيح إذا أخطأ الإمام في الصلاة، فعدم رفع صوتها خارجها من باب أولى .. كذلك ما يحدث من تقبيل الأخوات لبعضهن في الطرقات، مما يكون ملفتًا للنظر.
4) إطلاق البصر .. والله عزَّ وجلَّ قد أمر المؤمنات بغض أبصارهن، يقول تعالى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ..} [النور: 31]
5) إرتداء الملابس الضيقة أمام النساء .. وإنما يجب أن تكون الملابس أمام بعضكن البعض فضفاضة، بحيث لا تصف الجسم ..
وما يحدث من تكشُف في صالات الألعاب الرياضية وحمامات الساونا وغيرها، لا يجوز بحال .. يقول رسول الله "أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها، خرق الله عنها ستره" [رواه أحمد وصححه الألباني].
ومن يسمح لزوجته بالذهاب لتلك الأماكن، فهو شريك معها في الإثم .. عن جابر أن النبي قال ".. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام .." [رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني] .. ناهيك عن كشف العورات أمام الأطباء !
6) التصوير في الأفراح وغيرها .. وهذه الصور قد تنتشر ويطلِّع عليها الرجال.
يا أختاه، ألا تستحين من هيبة وإجلال الله جلَّ وعلا؟! .. ألا تستحين من قُربه وجوده وكرمه وفضله عليكِ بالليل والنهار؟!
فأحسني كما أحسن الله إليكِ ..
ولكي تكوني حيية، عليكِ بالآتي ..
1) اتخذي القرار بإجتناب جميع الأفعال والأقوال التي تتنافى مع الحياء .. وليكن عندك خوف يا أختاه من أن تُسلبي الإيمان، بسبب تلك التصرفات المنافية للحياء ..
قال عبد الرحمن بن مهدي: مات سفيان الثوري عندي، فلما اشتد به جعل يبكي، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، أراك كثير الذنوب؟ .. فرفع شيئاً من الأرض، فقال: والله لذنوبي أهون عندي من ذا، إني أخاف أن أُسلَب الإيمان قبل أن أموت. [حلية الأولياء (3,151)]
2) المطالعة عن فضائل الحياء .. وليكن من كتاب مثل: كتاب (فقه الحياء) لفضيلة الشيخ محمد إسماعيل المقدم؛ كي تتعلمين كيفية التخلُّق بهذا الخلق العظيم.
3) زيدي من رصيدك الإيماني .. بزيادة أورادك التعبدية، من صيام وقيام وتلاوة قرآن ودعاء وذكر .. لأن الحياء ثمرة الإيمان، وكلما زاد إيمانِك زاد حياؤك.
4) تفكَّري في أسماء الله جلَّ وعلا التي تستوجب المراقبة .. فتعلمين أن الله سبحانه وتعالى هو الشهيد، الشاهد على جميع تصرفاتك .. وهو الرقيب، يرقُب كل أفعالِك .. وهو العليم، يعلم سرِك وعلانيتِك .. وهو السميع، يسمع دبيب قلبِك قبل كلماتِك .. وهو البصير، يراكِ حيث لا يراكِ الناس .. وهو سبحانه المحيط بكل شيءٍ علمًا .. واعلمي إنك لم تقعي في تلك البليات، إلا بعدما أعرض الحافظ عن حفظِك منها ..
كان حاتم الأصم يقول: تعاهد نفسك في ثلاث: إذا علمت، فاذكر نظر الله إليك .. وإذا تكلمت، فاذكر سمع الله منك .. وإذا سكت، فاذكر علم الله فيك. [سير أعلام النبلاء (22,84)]
5) المواظبة على العبادات المفروضة والمندوبة .. لأن العبادات وبالأخص الصلاة، تنهى العبد عن الوقوع في الإثم وتحفظه من السلوكيات السيئة ..
قال تعالى {.. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ..} [العنكبوت: 45] .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي ، فقال: إن فلانًا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق، فقال "إنه سينهاه ما تقول" [رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني]
6) الزمي الصدق .. عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة .." [متفق عليه] .. والحياء من جملة البر، فإذا صدقتي الله صدقِك ورزقكِ الحياء.
7) حاولي أن تتكلفي الحياء في البداية.. إلى أن يصير سجيَّة من سجاياكي، فالحياء من الخلق المُكتَسَبة.
8) مخالطة الصالحين.. كي تتخلَّقي بأخلاقهم الحسنة، ومن كلام بعض الحكماء: أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيي منه.
9) مطالعة سير المُثُل العليا في الحياء.. وعلى رأسهم حياء نبينا محمد والصحابة رضوان الله تعالى عليهم، كي تقتدي بهم وتقتفي أثرهم.
10) اعتزال البيئة الفاسدة.. التي توقِعك في التصرفات السيئة.
يا أمَةَ الله، عليكِ بالامتثال والاستسلام لأمر الله سبحانه وتعالى .. والحقي بركب الصالحين في التحلي بهذا الخلق العظيم.