يوم لا ينفع مال ولا بنون

    قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم

    القصة الرابعة والثلاثون

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

صلى الأب إماماً بابنه ، فلما سلما ظل الأب جالساً يسبّح الله تعالى ، ويحمده ويكبّره ، ففعل ابنه مثله .... ولمّا شرع الوالد يدعو أصاخ الولد إليه يستمع ويؤمّن على دعائه .

كان يسأل ربه – هذه المرّة -  أن يشفـّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبيه وأمه وزوجته وبنيه ... فلما انتهى الوالد من الدعاء التفت ابنه إليه ،

 وقال : ما المقصود بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته ؟.

الوالد : أن يكون الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الوسيلة إلى رضا الله تعالى عن أمته .

الولد : وهل يشفع فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ؟

الأب : نعم – يا بني – هو بابنا إلى الله تعالى ، وقائدنا إلى الهدى ، لقد بذل وقته وراحته وماله في الدعوة إلى ربه ، فهو أحرص علينا منا في الدخول إلى الجنة والنجاة من النار .

الابن : نعم - يا أبتاه – فقد وصفه المولى جل شأنه بالحرص على إسعادنا والرحمة بنا فقال في سورة التوبة : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم

1- عزيز عليه ما عنتّم ،

2-  حريص عليكم ،

3- بالمؤمنين رؤوف رحيم  "

الأب : وقد وصف لنا الرسول الكريم ألمه وحزنه حين يـَرِد ُالحوضَ ناسٌ من أمته ، فيستبشر بهم ، ويهمّ بسقايتهم بيده الشريفة ، فتدفعهم الملائكةُ بعيداً ،،،،،،

فيقول : هؤلاء أصحابي !!

فتقول الملائكة : إنهم لم يزالوا مرتدّين منذ فارقْتَهم ، لقد نكصوا على أعقابهم ، وسلكوا طريقاً غير طريقك ، فضلّوا ، فلستَ منهم ، وليسوا منك .

 فيستشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال عيسى عليه السلام :

" وكنت شهيداً عليهم ما دمتُ فيهم ،

فلما توفـّيتَني كنتَ أنت الرقيبَ عليهم ،

وأنت على كل شيء شهيد ،         

إن تعذبهم فإنهم عبادك ،

وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم "

الابن : فهمت  يا والدي أن الشفاعة للمسلمين فقط الذين عصوا ربهم .

الوالد : ليس لهؤلاء فقط يا ولدي ، إنما للمسلمين العاصين جميعاً الذين وجبت لهم النار ، فينقذهم الله منها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيهم . كما أن شفاعته لأهل الجنة في الجنة في رفع درجاتهم ، وإعلاء منزلتهم ، والإسراع بهم إلى الجنة .

الابن : قرأت يا أبي أن إبراهيم عليه السلام يشفع في والده الكافر ، فقد وعده أن يشفع له ، ويستغفر له ، لقد قرأتُ قوله تعالى على لسان نبيه إبراهيم

" قال سأستغفر لك ربي ، إنه كان بي حفيّاً "

 وقد قلتَ قبل قليل : إن الشفاعة للمسلمين، فكيف يشفع إبراهيم عليه السلام في أبيه ؟!

استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ،

إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم "

 قال الابن : وهل هناك استثناء لإبراهيم عليه السلام  ؟ فقد وعد أباه أن يستغفر له ؟

قال الأب : لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة مايكون في أمر والد إبراهيم عليه السلام حيث " يَلقى إبراهيم أباه آزرَ يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترةٌ وغَبَرة ،

فيقول إبراهيم : ألم أقل لك : لا تعصني ؟

فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك ..

فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدْتَني أن لا تخزيَني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من 

أبي المبعدِ من رحمتك وعفوك ؟!

فيقول الله تعالى : إني حرّمتُ الجنة على الكافرين .

وهنا يسكت إبراهيم عليه السلام ، فلقد قضى الله عز وجلّ قضاءَه ، ولا رادّ لقضائه ...

ثم يُقال : يا إبراهيم ؟ ماتحت رجليك ؟ فينظر إبراهيم تحت رجليه فإذا هو أبوه قد انقلب ضبُعاً قذراً ملطّخاً ..... فيُخذ بقوائمه ، فيُلقى في النار .

نسأل الله يا بني أن يتقبلنا في عباده الصالحين ، وأن يمن علينا بالإيمان ، وأن نلقاه وهو راض عنا إنه سميع الدعاء .

صحيح البخاري ج4

كتاب بدء الخلق

باب : قول الله : واتخذ الله إبراهيم خليلاً