الدِّينُ النَّصِيحَة

ادعُ إلى سبيلِ ربِّكَ (14)

د.محمد بسام يوسف*

[email protected]

النصيحة هي فعل الخير للناس، وإرشادهم إلى الخير وطريقه، وتنبيههم إلى الخلل الذي في نفوسهم، أو إلى الأخطاء التي يمكن أن يرتكبوها، بالحكمة والموعظة الحسنة، ليعملوا على إصلاحها.

وقد ورد في محكم التنـزيل على لسان نوحٍ عليه السلام: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:62).. كما ورد على لسان هودٍ عليه السلام: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) (لأعراف:68).

النّصيحة .. لماذا ؟!..

1- لأنّ إسلامَنا العظيمَ مَبْنيٌّ على النصيحة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الدّينُ النّصيحة، قلنا لِمَن؟.. قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمّة المسلمين، وعامَّتهم] (مسلم).

2- لأنّ النصيحة أساس من أسس القوّة في المجتمع المسلم، وهي وسيلة لتخليصه من الخلل، ولتنقيته من الشوائب والأخطاء: [لا يؤمنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه] (متفق عليه).

3- لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يبايع فيما يبايع- على النصيحة بين المسلمين: [عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، على إقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، والنُّصحِ لكل مسلم] (متفق عليه).

4- لأنّ أداء النصيحة للمسلمين، يستجلب الأجر العظيم من الله عز وجل، فذلك من الخُلُق الكريم: [مَن دَلَّ على خيرٍ، فله مثل أجر فاعله] (مسلم).

ما الآداب التي يجب التزامها لدى أداء النّصيحة ؟!..

1- الرَّفقُ والِّلين :

لأنّ النفسَ الإنسانيةَ مجبولةٌ على مَحبّة مَن يُحسِن إليها وبُغضِ مَن يُسيئ إليها: (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك) (آل عمران: من الآية159).. [إنّما بُعِثتُم مُيَسِّرين ولم تُبعَثوا مُعَسِّرين..] (الجماعة إلا مسلماً).

2- السرّية في النّصيحة :

يقول الشافعيّ رضي الله عنه ورحمه: [مَن نصحكَ في مَلأٍ فَرُدّ عليه نصيحتَه، فإنه قد ابتغى فضيحتَك ولم يبتغِ نصيحتَك].. وقال الفضيل بن عياض: [المؤمن يَستر وينصح، والفاجرُ يَهتِك ويُعَيِّر]. وما أكثر الذين يفضحون باسم الإسلام، وباسم الحرص على دعوته وتعاليمه!..

3- بُغضُ الذنب لا صاحبَ الذنب :

قال أبو الدرداء لقومٍ يَسُبُّون رجلاً أذنب: [لا تَسُبّوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم.. قالوا: أفلا تَبْغُضُه؟.. قال: إنما أبغُضُ عَمَلَه، فإذا تركه فهو أخي].

4- إشعار المنصوح بالرغبة الصادقة في هدايته، مع الدعاء له بالهداية :

[أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بشارب خمر، فأمر به فضُرِب، فلما أدبرَ القومُ جعلوا يَدْعُون عليه: اللهم اخزِهِ، اللهم الْعَنْهُ.. فقال صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، ولا تكونوا عَوْناً للشيطان على أخيكم، ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه] (البخاري).

5- أن نعلم أنّ مهمّتنا هي الدعوة بالحكمة وبالنصيحة والموعظة الحسنة :

فلسنا قُضاةً على إيمان الناس.. (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة..) (الحجرات: من الآية10).

اللهم ألهمنا السداد والرشاد، والنُّصحَ بحقه.. اللهم آمين.

               

*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام