كلمات

محمود القلعاوي

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

[email protected] 

الكلمة الأولى : بعد ما فقد النصير

"اللَّهُمَّ إليْكَ أشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي .. وقِلَّةَ حِيلَتِي .. وهَوَانِي عَلَى النَّاسِ .. أنتَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .. أنتَ رَبُّ المسْتَضْعَفِينَ .. وأنْتَ رَبِّي .. إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ .. إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي .. أمْ إلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أمْرِي .. إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي .. غَيْرَ أنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أوْسَعُ لي .. أعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الذِي أشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ .. وَصَلُحَ عَلَيْهِ أِمْرُ الدُّنيَا والآخِرَةِ .. أنْ يَحِلَّ عَليَّ غَضَبُكَ .. أو أَنْ يَنْزِلَ بِي سَخَطُكَ .. لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى .. وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِكَ " رواه الطبراني .. اشعر بها خارجة من قلبه - صلى الله عليه وسلم – بعد ما فقد النصير في مكة بموت حنانه وحبه خديجة بنت خويلد وحماه بين قريش عمه أبو طالب في عامه الحزين .. توجه إلى الطائف آملاً النصير .. لكنه وجد ظلاماً أشد مما ترك .. وقسوة أقسى مما خلف .. رباه ألهذا الحد تكون القسوة .. فاستقبلوه بالطائف أسوأ استقبال .. فحزن أيما حزن .. فخرجت كلماته من قلبه .. ضراعة من فقد النصير ولم يجد حوله إلا العدو اللدود .. ضراعة من استنفذ كل الأسباب ولم يبقى أمامه إلا رب الأسباب .. ضراعة من فقد كل ما على الأرض منتظر تدخل السماء .. ضراعة من غلقت أمامه الأبواب ولم يبقى إلا رب الأبواب ..

و التضــــرع

والتضرع أن تلجأ لباب الله تستغيث .. أن تصرخ بقلبك وروحك وكيانك تبكي ذليلاً بين يدي القادر المقتدر .. أن تمد يديك بحاجتك لأبعد ما تستطيع وتتغلف بدموع الفقر واللجوء .. أن تنادي كل ذرة في جسدك وكل زفرة في روحك بالنجاة ممن يملك طوق النجاة .. هو عبادة المصائب والكوارث.. هو عبادة الأنبياء .. هو سبيل المؤمنين في كل وقت وحين ..

حفاوة بعد جفاء

سمع الله - عز وجل - ضراعة رسوله .. فأراد أن يبدله جفاء الأرض بحفاوة السماء .. ظلمة الأرض بنور السماء .. سعة السماء بدل ضيق الأرض .. عالم الملأ الأعلى بعالم الناس القاصر ..

الكلمة الثانية : إن كان قالها فقد صدق .

فقد ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له: أرأيت ما يقول صاحبك إنه يقول: إنه أُسري به إلى المسجد الأقصى .. ونحن لو أردنا أن نذهب هناك لقطعنا مسيرة كذا وكذا، فما رأيك؟ .. قال : أهو قال ذلك؟ .. قالوا: قال .. قال : " أشهد إن كان قال ذلك فأنا أصدقه .. إنا نصدقه في أعظم من ذلك نصدقه في خبر السماء يأتيه وهو جالس بين ظهرانينا".

ألهذا الحد بلغ صدقك ويقينك برسولك .. والله إنك لتستحق أن تكون الصديق ..

جمع خصال الخير كلها

أفضل الأمة بعد نبيها .. ثاني اثنين في الغار مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - .. أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه .. أحب الناس إلى قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. يُدعى من أبواب الجنة كلها .. ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر - رضي الله عنه - .. أول من أسلم من الرجال .. أول المبشرين بالجنة .. أول من جمع القرآن الكريم .. زكاه الله من فوق سبع سماوات .. اشترى كثيراً من المستضعـفين وأعتقهم لله، .. شهد المشاهد كلها ..

هـــو ذلك

·                  قال تعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ( سورة التوبة : 40

·      وقال تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ( سورة الليل : 21:17

·      قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان - رضي الله عنهم - .. رواه البخاري

·      جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . متفق عليه .

·                  قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه

·      قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ .. قال : عائشة .. قال : قلت : من الرجال ؟ .. قال : أبوها . رواه مسلم ........... وكثير وكثير

الكلمة الثالثة : غراسها

( يا محمد : أقرئ أمتك مني السلام .. وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة .. عذبة الماء .. وأنها قيعان .. وأن غراسها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) رواه الترمذي .

هذا ما قاله خليل الرحمن إبراهيم - عليه السلام - في السماء السابعة لنبيناً محمد – صلى الله عليه وسلم - حين كان مُسنِداً ظهره إلى البيت المعمور - كعبة أهل السماء - الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه أبداً .. وهناك استقبل إبراهيم عليه السلام النبي – صلى الله عليه وسلم – ودعا له وقال له تلك الكلمات ..

   الذكر

الذكر .. عبادة يشترك فيها كل الكون .. جنة الدنيا .. غراس الجنة .. ينور الوجه والقلب والقبر .. يقوي القلب والبدن .. يرضي الرحمن .. يطرد الشيطان .. يجمع المتفرق .. يثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون .. مجالس الذكر مجالس الملائكة .. أمان من النفاق .. أيسر العبادات ..

وبعد

هذه بعض الكلمات التي قيلت في الإسراء والمعراج أحببت أن نقف معها .. وننهل من المعرفة منها .. أسأل الله السداد والقبول إنه ولى ذلك والقادر عليه .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته