في حب الله (3)

عبد المعز الحصري

[email protected]

الإسلام يحث على الحب

الحمد لله الذي يحب من يحبه ويجزل له العطاء والمثوبة ويقربه اليه ويسكنه الجنة ويسعده (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا........) آية 108 هود

وصلاة وسلاما على أسعد مخلوقاته سيدنا محمد وآله وصحبه

 اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا الى حبك واجعل حبك أحب الينا من الماء البارد على الظمأ

 وردت كلمة الحب ومشتقاته في القرآن الكريم أربع وثمانون مرة منها (ان الله يحب المتقين ) (......وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ......) آية 165 لبيقرة

 الاسلام جاء بالحب ليعم السلام والحب الارض ومن عليها

 الجمادات تحس بالحب (احد جبل يحبنا ونحبه ) كان في مكة حجر يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، جذع النخلة حنّ الى النبي صلى الله عليه وسلم

 ان الله خلق الانسان للعبادة والعبادة وسيلة لغاية اعظم الا وهي ان ينال العبد محبة الله تعالى ( ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه ) بمعنى اخر خلقه الله ليحب كل ما احبه الله ويبغض ما ابغضه الله ، بالحب الذي يرضي الله يكون الا نسان خليفة الله في ارضه وبذلك نجد أن المؤمن يحب الخير للخلق كلهم حتى الرافة بالحيوان من الحب وانقاذ البشرية من النار هذا من دواعي حب الله واماطة الاذى من الطريق ايضا

إن الاسلام دين كامل ما فرط في شيء ( ما فرطنا في الكتاب من شيْ ) وبين - القران والسنة - كل شيء وفصله تفصيلا (وكل شيء فصلناه تفصيلا ) الآية وبين لنا القرآن ان المؤمن ممكن له ان يحب أباه و ابنه و أخاه وزوجه وعشيرته وماله وتجارته ومسكنه ولكن هذا الحب كله تبعا لحب الله ورسوله فان زاد حب ما سواهما الله ورسوله فان التهديد والوعيد والعذاب له بالمرصاد قال تعالى :" قل ان كان آباؤكم وأبناؤكم

 و إخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بامره و الله لا يهدي القوم الفاسقين" سورة التوبة الآية 24

لقد أوضح القران الكريم والسنة المطهرة كيف يكون الحب بين العبد وربه

 و الأسباب التي تزيد من حب الله لعبده ففي الحيث القدسي ) لايزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه (

 وهذه المحبة لله تناجي ربها العابدة رابعة العدوية قائلة :

فـليتك  تحلو و الحياة iiمريرة
وليت الذي بيني و بينك عامر
اذاصـح منك الود فالكل iiهين


وليتك ترضى والانام iiغضاب
وبيني  و بين العالمين iiخراب
وكل  الذي فوق التراب تراب

وتقول الشاعرة زاهية بنت البحر

انـي احـبك شِعري لا iiيفارقه
لا  ارتضي بدلا عما اعيش iiبه
انـي  احبك حاشى ان iiاقارنها
انـي  احبك فارحم قلب iiعابدة



نـبض  المحبة اجلالا iiوتنزيها
في رائق الحب اظهارا وتمويها
بـاي  شىء بهذا الكون iiتشبيها
تـرجو النعيم بحب منك يكفيها

 قال الله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) قال احد العارفين لن تنالوا محبتي وفي قلوبكم محبة غيري

 قلت محبة غيري تعني كل ماسوى الله ورسوله ، فاذا كان القلب هو مركز الحب وهو محل نظر الله تعالى فلا بد أن نجعل قلبنا خالصا مخلصا لله وحده فبذلك نحصل على الوسام الرباني _ان ساغ التعبير _ الذي وسم به عباده فقال ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) الآية

ولا تكون المحبة الا في قلب حي ، وحياته بموت النفس ، ويقال موت النفوس حياتها

 ان الشهيد لما ملأ قلبه من محبة ربه وهب قلبه وروحه لله فلما تم دفع الثمن - روحه ونال الشهادة - قبض البضاعة - وهي الحياة الابدية في جنات عدن - وامرنا الله ان لا نقول عنهم اموات فهم اماتوا انفسهم في حب المحبوب الله فكان الجزاء من جنس العمل فاعطاهم الله الحياة الابد ية ، والشهيد قدم حياته لله قال الله (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ ) (154) البقرة، و الشهداء يتمنون الرجوع الى الدنيا حتى يشربون كاس المحبة كاسا بعد كاس ، والمحبون لهم محبوب واحد الا وهو الله الودود أي الحبيب قال تعالى : "... يحبهم ويحبونه ..... " سورة المائدة الآية 54 فان قيل كيف قدم محبته لهم على محبتهم له وقدم ذكره له على ذكره اياهم

قال تعالى ---فاذكروني اذكركم فالجواب ماقاله الشيخ عبد القادر الكيلاني ان الذكر مقام الطلب فكانه امر بالطلب منه مقدم ذكرهم له واما المحبة فهي تحفة الهية ليس للعبد فيها اختيار فلا يصح وجوبها الا بعد بروزها من جانب الغيب على يد المشيئة فلهذا قدم محبته لنا على محبته له وله الفضل والمنة ومعنى محبة الله لهم توفيقه اياهم وطاعته والآية نزلت في ابي بكر الصد يق رضي الله عنه

استكمل الايمان

عن أبي امامة رضي الله عنه قال :قال رسل الله صلى الله عليه وسلم "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان " رواه أبو داود بسند حسن

 وحتى يكمل ايمان المؤمن المحب لابد ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم(( لايؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من و الده وولده والناس اجمعين )) رواه البخاري .

والاسلام يأمرنا أن نحب للناس ما نحبه لا نفسنا وبذلك يكمل ايماننا قال صلى الله عليه وسلم (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) رواه الشيخان

عن المقداد بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه ) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن

وعلى المسلم أن يحب أخاه بصدق ومن كل قلبه وأن يكون حبه خلصا لله وحده وكلما زاد المؤمن في حبه لأخيه زاد حب الله له قال صلى الله عليه وسلم "ما تحاب رجلان في الله الا كان أحبهما الى الله عز وجل أشدهما حبا لصاحبه " السلسلة الصحيحة بسند جيد

 شراب الحب

قال أحد العارفين لأبي يزيد البسطامي : لقد ذقت من شراب الحب حتى شبعت فأجابه البسطامي : لو كانت بحار الدنيا حباً و شربتها كلها لما شبعت .

  اللهم اذقنا شربة من كأس محبتك تلم بها شعثنا وتجمع بها قلبنا عليك وتصلح بها حالنا والمسلمين آمين

صدق القائل من ذاق عرف ومن عرف غرف

 قال الشاعر :

شـراب  الحب يعرف iiبالمذاق
احـب الله عـن ادب و iiصدق
إذا مـاعـشـت لا انسى iiالهي
يـعـز عليّ ترك الحب iiعندي
تـركـت جميع خلق الله iiدوني
وشـوقي  قد مزجت به iiرجائي
ومـن  عرف المحبة عن iiيقين
وكـيـف احـب غير الله يوما







ومـا  كـل الـسـقاة له بساق
ولا ارضى سوى التقوى خلاقي
بـه اسمو من الاخرى iiالمراقي
ولـو  بلغت بي الروح iiالتراقي
شـغلت  عن الخلائق iiباشتياقي
عـلى خوف فمن خوفي iiمذاقي
حـرام  ان يـمـيل الى iiفراق
ولـيـس سواه في الاكوان باق

أحب العمل الى الله

سئل صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب الى الله قال: الصلاة على وقتها قال :ثم أي قال: بر الوالدين قال ثم أي قال: الجهاد في سبيل الله رواه البخاري

 فمن حافظ على الصلاة في وقتها وأركانها وخشوعها وكانت أحب الأعمال اليه وقرة عينه وخشع فيها كان قد تقرب الى الله بأحب الأعمال اليه سبحانه وتعالى وكانت نوراً له وسبباً في فلاحه ونجاحه في الدنيا والآخرة (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) سورة المؤمنون

علامة حبك الله ورسوله

قال صلى الله عليه وسلم (من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف ) لايسأل المرء عن حبه لله ورسوله الا بالقرآن فان كان يحب القرآن ويطبقه على حياته فهو يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

اذا احب الله عبدا أحبه الكون

روى الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ان الله اذا أحب عبدا دعا جبريل فقال اني أحب فلانا فأحبه قال :فيحبه جبريل ثم يوضع له القبول في الأرض )

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين