رسالة حب

رضوان سلمان حمدان

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

تأويل الأقوال والأفعال وحملها على غير المحمل الحسن أمرٌ يشق صف المجتمع ويقسمه ويُوهن قواه، ويبثُّ الضغينة بين أبنائه، ويُفقِد الثقة بين أفراده، فالأصل أن تُحمَل الأقوال والتصرفات على المحمل الحسن؛ حتى يظهر غير ذلك بدلائل وقرائن، والتي توجب حينها الاستفسار والإيضاح، لا إصدار الأحكام واستباق الأحداث.

والوقوع في مثل هذا الأمر يُغيِّر الوجهة والمقصد لدى المتسرع في إصدار مثل هذه الأحكام دون تبيُّن أو تثبُّت، فالأصل هو حرصي على أخي وحب الخير له ومساعدته على تجاوز محنته، لا التسرع في إصدار حكم ضده أو إدانته إذا تلفَّظ أو فعل أمرًا يحتمل أكثر من تأويل.

ورابطة الحب والأخوَّة وصدق العهد والطلب التي تجمع بين أفراد المجتمع تجعلهم دائمًا بل وتُحتِّم عليهم أن يذهبوا وبسرعة إلى تأويل القول أو الفعل الصادر من بعضهم إلى أفضل وأحسن التأويلات، وإلاَّ انقلب الأمر إلى سوء ظن.

فسوء الظن بالآخرين شيء قبيح، ومظهر من مظاهر ضعف الإيمان، ومرض يصيب القلوب الضعيفة التي تنتهز الهفوة والعثرة في سلوك الآخرين.

وهذا السلوك الذميم مرفوض في المجتمع  الراقي، الذي وُضعت قواعدُه وبُني وجوده على أساس الحب في الله والأخوَّة الصادقة التي تحترم الآخرين وتثق بهم..

كما أن هذا السلوك مرض خطير ينبغي التخلُّص منه، والعمل على اقتلاعه من جذوره؛ إذ إن في استمراره إضعافًا للصف وتوهينًا له، وقد يؤدي إلى تفككه وانهياره، ولهذا حذر القرآن الكريم من الظن، فقال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيْرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾.

وعلى ذلك أكد النبي- صلى الله عليه وسلم- حين قال:

"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" .