إلى رموز الخير
عادل هندي * - مكتب القاهرة
يقول الله تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" {سورة آل عمران: 110}.
لقد حصر الله الخيرية لتلك الأمة الآمرة بالمعروف، الناهية عن المنكر، ومن سار على نفس النهج في القديم أو الحديث فهو رمز لهذا الخير المنثور والمنشور، ولعل هذا هو ما دفع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- إلى أن يقول: (من أراد أن يكون من هذه الأمة فليحقق شرط الله فيها) قالوا: وما شرط الله فيها يا أمير المؤمنين؟ قال: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ثم تلا قوله عز وجل: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " {سورة آل عمران: 110}... ويشير ابن كثير في تفسير هذه الآية قائلا: " يخبر الله تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم وأنهم أنفع الناس للناس ".
فإلى رموز الخير ودعاة الأمة في كل مكان وزمان:
من تلميذ لكم، ومن عاشق لدعوتكم وطريقكم: اسمحوا لي أن أوجه لكم كلمات بسيطة عن هذا الخير الذي حملتموه، وقمتم نحو أي باطل فقاومتموه، أسأل الله أن ينفعني وإياكم بها إن شاء الله.
لقد رأيتم ما رأيتم ورأينا، وشاهدتم رأى العين تلك الأخطار المحدقة، والتي تلاحق أمتنا ليل نهار من مؤامرات ضد الدين، والفكر والأخلاق والسياسة، وهجمات هنا وهناك، والأمر واضح لكل ذي عين ولُبّْ.
فالمسئولية على عاتقكم: مسئولية دينية وأخلاقية وفكرية وعلمية، والمسئولية على عاتقكم في صد هذه الهجمات، وإعلان الصمود...
يا رموز الخير:
هذه المسئولية:
1. مسئولية تدفعكم للجد في العمل والاجتهاد في بث الأمل.
2. مسئولية تأخذ بأيديكم وتدفعكم نحو الحق دفعا ة تجمعكم على الوحدة والاتحاد.
3. مسئولية تحملكم فهم القرآن وآياته وتدبره والعمل بما فيه.
4. مسئولية تجعلكم تجاهدون أنفسكم في تحقيق الإخلاص لله.
5. مسئولية تعلمتم من خلالها أنكم عُبَّادٌ لله، وفهمتم من بين ثناياها أن كل لحظة في حياتكم، وكل كلمة وحركة وسكنة – الأصل- أنها لله وحده.
6. مسئولية –لما فهمتموها بحق- دفعتم بأنفسكم ضمن ركب الصالحين والمصلحين والعاملين والمجاهدين.
هكذا أيها الرموز .. أيها الدعاة :
هكذا حملتموها وتحملتموها بأعبائها، وأنت على قدر كبير بخطورتها، وأن السير في طريقها لا نتخيل أنه قد مُلِأَ بالزهور والورود والرياحين، بل نحن على يقين أن على الطريق أشواك وأشواك. فلماذا الكسل؟!!! والوقت يمر.
مثال وصورة واقعية:
إن الواحد منا يا إخواني إذا رزقه الله بولد : قام بتربيته وتحمل أعباءه ، وقام برعايته، فإنه يحاول انتقاء الظروف الجوية الملائمة له والمناسبة لحمايته، ويقوم بتوفير الطعام والشراب لهذه النعمة التي أهداها الله له -(ولد)- ويخاف الإنسان على ولده خوفه على نفسه وأكثر، يحزن لحزن ويفرح لفرحه، ويهتم بتسمينه جسديا وبدنيا.
ونحن أنعم الله علينا بسلوك طريق الخير، واختارنا الله فلماذا لا نهتم بهذه النعمة؟!! وأنا لا أنكر أن هناك عدد كبير من الدعاة ورموز الخير يعملون وبجد حقيقة وتقبل الله منا ومنهم، ولكن هل نهتم بتسمين الأفهام والعقول بالعلم النافع، وما نستطيع أن ننشر به فكرتنا الإسلامية.
وخلاصة كلامي، الذي أذكر به نفسي وإياك: أن على كل مسلم استشعر أنه من أمة الخير، وقد صَفَّ قدميه في ركب الدعاة الذين ينشدون للأمة الهدى والرشاد، فإن عليه الآتي: كمعادلة للحياة في هذا الخير، وملازمته والدوام عليه:
إخلاص+ قرآن + سنة + صحبة + إصلاح + حكمة = نجاح
فعلى كل رمز من رموز الدعوة والخير:
أولا: مراجعة نيته قبل أن يخطو خطوة واحدة في العمل والطريق، حتى لا تفسد حياته، وحتى لا تذهب أعماله –والعياذ بالله- هباء منثورا يوم القيامة.
ثانيا: كما راجع نيته فليتوجه الآن لمراجعة رسالة ربه (قراءة وتدبرا وعملا)، فإنه سلاحه الذي به يدافع وعنه يتكلم، وإليه يدعو: (القرآن العظيم)، ذو الخير العميم للإنسان في الدنيا والآخرة. وذلك زاد كل مسلم من الأمة في التعبد، فكيف بمن يأخذ بيد هذا المسلم من الدعاة والهُداَة؟!!!.
ثالثا: فإذا تم له المراجعة وجاهد نفسه فليمش في طريق متوازي مع سنة نبيه (قراءة وحفظا –إن استطاع- وتطبيقا وقياسا وفهما لروح النصوص) مع إتباع خطوات نبيه وسيده العظيم، فإذا نظر في سنته وسيرته: قرأ وفهم وفقه الأحكام والفتاوى، وتعلم.
رابعا: ملازمته لرموز الخير أمثاله بالتواصل والاتصال وتبادل الخبرات، وتبادل النصائح، يُنْصَحْ ويَنْصَحْ، فديننا ملخصه النصيحة.
خامسا: إصلاح بيته ليصير:(شامة له أمام ربه - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{سورة التحريم:6}- وليكون شعلة نور وهداية أمام الناس ومع الناس) فأهله أول من ينشر فيه الخير الذي يعلمه؛ ليساعدوه في طريقه ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) { سورة المائدة: 2 }.
سادسا: حكمة يتعلمها ويطلبها، بدراسة فن الاتصال مع الناس، فهناك قواعد كان يتعامل بها قدوتنا في دعوته.. فلماذا لا نتعلم ما تقوم به دعوتنا؟ وما يمكن أن نوصله للآخرين.!!!.
وأخيرا .. أخي الداعية .... لا تستقل بجهدك فأنت بمفرك أمة، وستحقق النصر لأمتك، وستكون سببا في هداية الآخرين، وسترفع عن أمتنا آلامها وتحقق لها آمالها، فلنحاول، والله المستعان.
وإلى لقاء قادم في رسالة أخرى بمشيئة الله تعالى ولا تنسانا من دعائك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*م*معيد بجامعة الأزهر الشريف، وباحث في العلاقات الإنسانية والشخصية الإيجابية،
وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية، وعضو نقابة القراء المصرية.