ليلة خير من ألف شهر

إبراهيم خليل إبراهيم

إبراهيم خليل إبراهيم

الله سبحانه و تعالى جعل شهر رمضان سيد الشهور و أنزل فيه التوراة و الإنجيل و الفرقان و الزبور ، وجعل فيه ليلة القدر التي هى خير من ألف شهر في الخيرات و الأجور ، فما أدركها داع إلا و ظفر بتعجيل الإجابة ، ولا سأل فيها سائل إلا أعطاه سؤاله و أثابه ، و لا أستجاره فيها مستجير إلا أجاره الله و كفاه ، ولا أناب إليه فيها منيب إلا قبله و إجتباه ، ولا تعرض لمعروفه طالب إلا جاد عليه وحباه .

قال تعالى في سورة القدر : ( ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر )

الأيات 5:3 .

وقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم جملة و احدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا و أملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم بحسب الوقائع و الحاجة إليه .

وذكر العلماء أن ليلة القدر سميت بذلك لأن الله تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره إلى السنة القابلة من أمر الموت و الأجل و الرزق وغيره و يسلمه إلى مدبرات الأمور من الملائكة و هم :

إسرافيل وميكائيل و عزرائيل و جبرائيل .. عليهم السلام .

و عن ابن عباس رضى الله عنهما: ( ان الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان و يسلمها إلى أربابها في ليلة القدر ) .

وقيل :

إنها سميت بذلك لضيقها بالملائكة .. فقد قال الخليل : إن الأرض تضيق فيها بالملائكة كقوله تعالى :

( فقدر عليه رزقه ) .

و قيل :

سميت بذلك لعظمها و شرفها و قدرها ..

و قيل :

سميت بذلك لأن للطاعة فيها قدرا عظيما و ثوابا جزيلا ..

وقيل :

سميت بذلك لأنه أنزل فيها كتاب ذو قدر .. على رسول ذي قدر .. على أمة ذات قدر .

ومن أسماء ليلة القدر أيضا : ليلة البركة و ليلة الرحمة و ليلة السلام .. و العمل الصالح فيها خير من ألف شهر..

و عن ابن عباس : ذكر لرسول الله صلى الله عليه و سلم رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقة في سبيل الله ألف شهر

فعجب رسول الله صلى عليه و سلم لذلك و تمنى ذلك لأمته فقال :

يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا و أقلها أعمالا فأعطاه الله تعالى ليلة القدر خير من الف شهر التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله.. لك ولأمتك إلى يوم القيامة .

أي من خصائص هذه الأمة .

الليالي الفاضلة:

ولنعلم أن الليالي الفاضلة أربع عشر ليلة .. منها ثلاث لإبراهيم و لوط و موسي عليهم السلام ..

أما إبراهيم عليه السلام فله ليلة الهداية لما رأى الكوكب .. وأما ليلة لوط عليه السلام فهى ليلة النجاة ..

و أما ليلة موسى عليه السلام فليلة التكليم .. ليلة الطور ..

و أربع ليال لنبينا صلى الله عليه و سلم :

ليلة العقبة و ليلة الغار و ليلة المعراج و ليلة الهجرة ..

وسبع ليال لهذه الأمة :

ليلة الجمعة و ليلة عرفة و ليلة المزدلفة و ليلة النصف من شعبان و ليلة القدر و ليلتا العيدين .

و ليلة القدر هي ليلة سلام وأمان و تنزل فيها الملائكة و جبريل عليه السلام .. فإذا أحتفل بها فى الأرض جموع المسلمين فإن الملائكة تحتفل بها في الأرض و السماء .

و الملائكة لا يمرون بمؤمن و لا مؤمنة في ليلة القدر إلا سلموا عليه و يستمرون على ذلك من غروب الشمس حتى مطلع الفجر

العلامات :

وذكر العلماء أن من علامات ليلة القدر :

إنها بلجة سمحة لا حارة ولا باردة .. يعذب فيها ماء البحار ولا ينبح فيها كلب .. و تصبح الشمس بيضاء نقية لا شعاع لها كأنها طمست .

فعن ابن مسعود رضى الله عنه قال :

( إن الشمس تطلع كل يوم بين قرني الشيطان إلا صبيحة ليلة القدر فإنها تطلع يومئذ بيضاء ليس لها شعاع ) .

و عن أبي هريرة رضى قال : قال رسول الله صلي الله عليه و سلم :

( من قام ليلة القدر إيمانا و أحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) وزاد أحمد و النسائي ( وما تأخر ) .

ويسن لمن رأى ليلة القدر أن يكتمها وأن يكثر من التعبد و الدعاء في ليالي رمضان وأن يكون من دعائه :

( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) .