بعض من " ثلاث"

بعض من " ثلاث"

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

قال القرطبي رحمه الله تعالى  يذيّل تفسيره للآية الكريمة " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ، وكان الله شاكراً عليماً " أعلّق عليه بما يوضح المراد :

- قال مكحول: أربع من كن فيه كن له، وثلاث من كن فيه كن عليه؛ فالأربع اللاتي له:

1، 2- فالشكر والإيمان ، قال الله تعالى: « ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ، وكان الله شاكراً عليماً » وكان الله شاكرا عليما » أي يشكر عباده على طاعته. ومعنى « يشكرهم » يثيبهم؛ فيتقبل العمل القليل ويعطي عليه الثواب الجزيل، وذلك شكر منه على عبادته .

  وقال تعالى " ومن شكر فإنه يشكر لنفسه " [النمل 40 ] «           

3- والاستغفار، قال الله تعالى: « وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون » [ الأنفال: 33 ] (ولن يعذب الله تعالى قوماً يستغفرونه ، فالاستغفار لجوء إلى الله تعالى من الذنوب والآثام بعد الإقرار بها . وهذا لبّ الإيمان وشدة الدنوّ والقرب من الله تعالى ،  ومن ابتغى هذا فقد أرضى ربّه) .

4- والدعاء ، قال تعالى: « قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم » [ الفرقان: 77 ] . والله تعالى يقول : " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين "  ( والدعاء مخ العبادة ، بل هو العبادة نفسها ، وهو دليل على القرب من الله والعياذ به من كل سوء ومكروه ، وهذا ما يريده الله تعالى من عبده ).

وأما الثلاث اللاتي عليه:

1- فالمكر ، قال تعالى: « ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله » [ فاطر: 43  ( وبمعنى آخر : من أراد السوء لعباد الله وقع في شر أعماله ) .            

2- والبغي ، قال تعالى: : « يا أيها الناس؛ إنما بغيكم على أنفسكم متاعَ الحياة الدنيا » [ يونس: 23 ] . ( ومن ظلم الناس أو أساء إليهم فسوف يعود الظلم عليه وبالاً فمن حفر حفرة لأخيه وقع فيها)  .

3- والنكث ، قال تعالى: « فمن نكث فإنما ينكث على نفسه » [ الفتح: 10 ] . ( والنكث تفلّت وتخلّ عن وعد خيّرٍ ملزم أخذه الإنسان عهداً على نفسه ، يتحمّل جريرة إخلافه .

- وقال حكيم : ثلاث خصال من کن فيه أو واحدة منهن کان فی ظل عرش الله عز و جل {يوم القيامة} يوم لا ظل الا ظله ) :

1- رجل أعطی الناس حقوقهم  . ( وهذا العدل بعينه ) .

2- و رجل لم يقدم رجلا و لم يؤخر اخری حتی يعلم أن ما يفعله  فيه لله  رضی أو سخط . ( فحياتنا لله وعودتنا إلى الله " إنا لله وإنا إليه راجعون " ومن عرف ذلك كان حذراً فيما يفكر ويفعل ) .

3- و رجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتی ينفی ذلك العیب من نفسه فانه لا ينفی منها عیبا إلا بدا له عيب و کفی بالمرء شغلا بنفسه عن الناس.

- وقال آخر : ثلاث خصال من کن فيه فقد استکمل خصال الايمان:

1- رجل إذا رضی لم يدخله رضاه فی إثم و لا باطل . ( إن ميزان الرضا تقوى الله عز وجلّ ، وليس للمصلحة الآنيّة أو المنفعة الشخصية أثر في هذا الرضا)  .

2- ورجل إذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق . ( ومن استطاع ذلك فليس للشيطان عليه من سبيل ) .

3- ورجل إذا قدر لم يتعاط ما ليس له . ( رحم الله امرأ عرف حدّه فوقف عنده ) .

- وقال حكيم : إن أسرع الخير ثوابا البرُّ ، و إن أسرع الشر عقابا البغي ُ . و کفی بالمرء عیبا

1- أن ينظر من الناس إلی ما يعمی عنه من نفسه . وقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : " يرى أحدكم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عين نفسه " ( ولا أدري لماذ نرى عيوب الآخرين الصغيرة ولا نرى عيوبنا الكبيرة !) .

2- و يعيب الناس بما لا يستطيع ترکه . ( وهذا العيب نتاج للعيب السابق )

3- و يؤذی جليسه بما لا يعنيه. ( وكم من امرئ يفعل ذلك فيؤذي نفسه أوّلاً ، وغيره ثانياً حين يتدخّل بما لا يخصّه ) .

- في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى اله عليه وسلم قال : " الخيل لثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ،

1- فأما الذي له أجر ، فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج أو روضة ، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة ، كان له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين ، كانت آثارها وأوراثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذلك حسنات له ، فهي لذلك الرجل أجر .

2- ورجل ربطها تغنيا وتعففا ، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ، فهي له ستر .

3- ورجل ربطها فخرا ونواء ، فهي على ذلك وزر " . فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمُر ، قال : " ما أنزل الله علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } " .