من عجائب عبادة رسولنا الحبيب

رضوان سلمان حمدان

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

أتعجب كثيرًا، وستتعجب مثلي عندما تعرف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يُروى عنه أنه قام الليل كله بآية واحدة :

﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العزِيزُ الحَكِيمُ (118)﴾ المائدة

ماذا كان هدف الرسول من ذلك؟!

كان الحبيب - صلى الله عليه وسلم -، يريد أن يعيش مع الآية في جو هادئ ساكن، إن هذا ما يطلق عليه "تدبر القرآن"، وهو الذي أمرنا الله به في كتابه فقال:

﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (82)﴾ النساء

وقال سبحانه

 : ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) محمد.

والتدبر لغة: القلوب الموصولة بالله، والمتفاعلة مع القرآن، والتي تحياه أو التي تريد أن تحياه وتحيا به، والتدبر أمر ليس متاحًا للعلماء ولا للفقهاء فقط؛ ولكنه أمر متاح لأي فرد فهم معاني الكلمات وتفسير الآية، ثم أعمل قلبه وعقله فيها؛ لذلك فإن التدبر يحتمل ملايين المعاني التي لا تنتهي أبدًا، مهما اختلفت الأزمنة وتغيَّر البشر؛ لذا جاء في الخبر عن القرآن: "ولا يخلق من كثرة الرد".

تذكر معي أن تدبر القرآن يحتاج منك الآتي:

1- أن تفهم معاني الكلمات والتفسير.

2- الإكثار من التلاوة؛ حتى تتحقق الألفة والعشرة بينك وبينه، ومن تقرَّب من القرآن تقرَّب القرآن منه.

3- أن يربط بين الآيات والواقع، فلا تكون المعاني في الهواء لا أثر لها، بل لها إسقاط على الواقع يسعى لتنفيذها وتفعيلها في حياته، عن الحسن البصريُّ- رحمه الله- قال: (إنَّ من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربِّهم فكانوا يتدبّرونها بالليل، وينفذونها بالنهار).

4- أن يهيئ المكان الذي سيتدبر فيه القرآن (مسجد– حجرة مغلقة)، ويختار الوقت المناسب (وقت السحر- وقت فيه سكون وهدوء).

5- أن تكون له صحبة تعينه على التدبر، كما قال موسى عليه السلام فيما حكى عنه القرآن: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي(29) هَارُونَ أَخِي(30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي(31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي(32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا(33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا(34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا(35) طه

وفي قصة المستشرق الغربي الدكتور ميلر خير دليل لمن أراد أن يتعرف على أسرر القرآن.

أخي الحبيب في وقفة مخلصة مع الله وأنت تقرأ القرآن؛ تذكَّر دكتور ميلر، تدبَّر وتفكر، وستأتيك معانٍ أكثر وأجمل.

أخي الحبيب.. في شهر رمضان.. شهر القرآن.. ومن اليوم.. ستتدبر القرآن.. وتتقدم خطوةً.