ابتليت بالمناظر المحرمة

محمود القلعاوي

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

[email protected]

مما عمّت به البلوى فى أيامنا هذه المواقع العفنة التى يدخلها كثير من شبابنا .. يقضى فيها الكثير من وقته .. يهدر فيها عمره .. يُضيّع فيها قوته .. يقتل فيها إيمانه .. يبتعد بها عن ربه .. يشق بها طريقه للتعاسة فى الدنيا والآخرة .. ولقد وردت إلىّ رسالة عبر بريدى الإلكترونى يشكو صاحبها من إدمانه لها وعجزه عن الخلاص منها .. ولقد أردت أن انقل لكم الرسالة والرد عليها تعميماً للفائدة ومعالجة لمثل هذا الوباء .. أعان الله كل من ابتلى بذلك أن يُطهر الله قلبه من ذلك وأن يعينه على الخلاص من ذلك .. وهذا نص الرسالة :-

لقد ابتليت و الحمد لله على كل بلاء و على كل شيء بل أظن أن هذا من يدي .. وأنا  أحاول قدر المستطاع ألا أشاهد هذه المناظر المحرمة و انقطع عنها لفترة قصيرة  .. ولكن لا ألبث إلا أن أعود ... و أنا أكره هذا الوضع جدا و مستاء منه و أقسم بالله أني أحس براحة كبيرة عند الإنقطاع عنها  .. وكل ذلك بسبب الشهوة و أنتم تعرفون الشباب و كيفية تفكيره ... و أنا أحاول أن ألهي نفسي قدر الإمكان عن هذه الأشياء لكن شهوتي كبيرة و أنا أقولها لكم و أنا خجل من كلامي .... ليس هناك القدرة حاليا على الزواج ... و أيضا أنا لدي عمل و لو أردت الصيام سأتعب كثيرا ... فأرشدوني بحل يفيدني و جزاكم الله كل خير ..

ولقد أجبت على الرسالة قائلاً :-

أخي الكريم :- مرحباً بك نسعد أيما سعادة بتواصلك معنا .. نلتقي على طاعته .. نتعلم علماً نافعاً .. نتواصى على الخير وعلى الحب في الله .. فأهلا ومرحباً بك أيها الحبيب .. ولا يفوتني أن أشكرك على صراحتك وتواصلك مع إخوانك .. وأسأل الله أن يجعلنا ممن يعمل بما علم

ولكن قبل أن ابدأ في إجابتي على سؤالك  التي أثق أنك تعلم الكثير منها إن لم تكن كلها .. لابد أن أشكرك .. نعم لابد أن اشكرك .. اشكرك على هذا الإحساس الذي اشعر به في كلماتك وسطورك .. نعم عاطفة السعي نحو الله .. عاطفة من  يريد التخلص من خطيئتهً ..

أيها الحبيب اشعر بكلماتك .. نعم اشعر بها .. اشعر بقلب ينبض بالإيمان .. يريد رضا ربه فزعاً خائفاً من غضبه .. نعم اشعر بكل هذا .. اشعر بك وأنت تقول  :- ( وأنا أكره هذا الوضع جدا .. و مستاء منه ) .. نعم هو شعور التائبين لربهم .. ولكنه الضعف البشرى الذي جُبلنا عليه وخلقنا به ..

أيها الحبيب لا ينقصك علماً فكلماتك تدل على أنك ممن يعلمون الكثير .. ولست محتاج لأن أذكرك بأمر الله لنا بأن نغض أبصارنا فقال جل في علاه :- ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبيرٌ بما يصنعون ) سورة النور:30 .. ونهانا عن الخلوة بالأجنبية فالشيطان هو الثالث ، فالله جل فى علاه لم يقل لا تزنوا ، وإنما قال سبحانه :- ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً ) سورة الإسراء:32 .. لأنه سبحانه أراد أن يسد الطرق الموصلة إلى هذه الكبائر التي هي أعظم الذنوب بعد الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله .. وبالطبع لست محتاج أن اذكر لك أبيات الشعر الرائعة :-

وكل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرةٍ فعلت في نفس صاحبها *** فعل السهام بلا قوسٍ ولا وتر

ولكن يا حبيب ينقصك الإرادة .. نعم الإرادة .. الإرادة .. الإرادة القوية التى تخرجك من الدائرة التي تعيش فيها .. الإرادة التي تأخذ بيدك فتخرج من دائرة الوقوع والتوبة .. السقوط .. ثم البكاء .. ثم الصلاة .. ثم صلاح فترة معينة ثم وقع مرة ثانية .. نعم الإرادة .. أتشعر بكلماتي أيها الحبيب ..

حبيبى فى الله لا أريد أن أتقمص دور القاضى الذي يحكم وفقط وليس له علاقة بصاحب الخطيئة .. ولكن أريد أن أكون روحاً جديدة تأخذ بيدك لكي لا تسقط .. روحاً تجعلك قبل أن يتنصر عليك شيطانك فتنظر للحرام .. أن تتماسك وتتمالك وتستجمع كل ما أوتيت من قوة لك لا تقع .. وصدقني التعب بل والعذاب في المرات الأولى  .. ولكن بعدها ستجد حلاوة تعلو كل لذة تحس بها في هذا الحرام .. نعم حلاوة الإيمان .. حلاوة المجاهدة ..

أيها الحبيب .. ويبدو أنك حاولت وذلك من خلال كلامك :- ( وأنا أحاول أن ألهي نفسي قدر الإمكان عن هذه الأشياء ) .. ولكن يبدو أن هذه الوسيلة لم تصب معك .. إذن دعنا نعدد الوسائل وننوعها .. فربما أصابت واحدة ما لم تصبه الثانية .. وهذه بعض الوسائل العملية  المقترحة التى تعينك على هذا الوباء :-

ü      اللجوء إلى من يجيب من دعاه :- وهذه بالذات ليست كلمات ولكن توجه لخالقك انصب قدمك بين يدى الرحمن ليرحمك .. اطل سجودك .. بلل وجهك بالدموع .. قل يارب ليس من فمك ولكن من قلبك .. صدقنى أيها الحبيب .. هل تحس بكلماتى .. ليتها تصل لك كما وصلت كلماتك لى .

ü      البعد عن مواطن النساء .. وتجنب الخلوة لأن الشيطان هو الثالث :- وذلك بالطبع بقدر استطاعتك .. فى الشارع فى العمل فى المواصلات فى كل مكان ابتعد .. بل فرّ كما تفرّ من المرض المعدى ففى هذا النجاة.. 

ü                تجنُّب القنوات الهابطة والمواقع الساقطة والمجلات العاهرة .

ü      تجنُّب الوحدة فالشيطان من الواحد أقرب ومن الاثنين أبعد ومن الثلاثة أبعد وأبعد .. وهكذا فألقى بنفسك فى أحضان الصالحين ولا تفارقهم .

ü                ابتعد عن رفقة السوء ..

ü      اشُغل نفسك بالخير :- وما أكثر هذه السبل .. زر مريضاً .. صل رحمك  .. اقرأ شيئاً نافعا .. اجلس مع أصحابك .. اعتكف فى المسجد  حسب وقتك .. المهم لا تجلس فارغاً ولو دقيقة .. فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ..

ü                لا تذهب إلى فراشك إلا عند النعاس الشديد ، واحرص على الوضوء وأذكار النوم ..

ü                اجتهد في طلب الزوجة الصالحة فإنها العلاج الكامل لمسألة الشهوة.

وفى النهاية أقول لك ألا تخشى أخى أن ينتقم الله منك فيسلط الله عليك من يغوي زوجتك، أو يفسد أعراض بناتك أو أخواتك أو بعضاً من أهلك؟؟ ألا تخشى من أن يجازيك الله بنفس الفعل الذي تفعله مع غيرك؟؟ مع أنك تعلم أن الجزاء من جنس العمل،  وكما هو معلوم أنه كما تدين تدان ..

حقيقة أحب أن أؤكد عليك وأكرر لك أن الأمر يحتاج إلى إرادة وعزيمة تخرجك من هذه الدائرة إلى دائرة أخرى وتقربك من ربك وتنصرك على شيطانك ..