ميلاد رسولنا .. ميلاد للعزة والكرامة
عادل هندي - مكتب القاهر
أقترح عناوين للمقالة : اختر منها ما تراه مناسباً:
1. بشرى واحتفاء .. ترنم واقتداء .. بمولد سيد الأنبياء.
2. ميلاد رسولنا ميلاد للعزة والكرامة.
3. نحو احتفال حقيقي بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
4. بمثل هذا فليفرح رسول الله.
إلى: كل مسلم ومسلمة.
إلى: من يحب الله ورسوله.
إلى: الأمة الإسلامية، الباحثة عن العزة والكرامة. أزف إليكم جميعا: حلول أعظم مناسبات الدنيا، أشرف موسم شهدته هذه الحياة، موسم ميلاد خير عباد الله –محمد– عليه الصلاة والسلام. ولا أخفيكم سرًّا أني أجد في قلبي انشراحا وسرورا، وأنا أكتب الآن هذه الكلمات عن رسول الله.
أيها الإخوة الكرام ... بعد أيامٍ عدَّة تُطِلُّ علينا ذكرى ميلاد سيدنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلَّم-، هذه الذِكرى العطرة التي تملأ قلب كل مسلمٍ غِبْطَةً وفرحاً، ولكن ماذا ينبغي أن نفعل في ذكرى ميلاد النبي عليه الصلاة والسلام؟ وهذا هو السؤال، الذي سنجيب عليه في هذه الكلمات.
ثم قبل كل شيئ: إليك سيدي يا رسول الله، أُهْدِي كلماتي: فالقلب يشتاق لك، والعين تهوى رؤياك، واليد تتمنى مصافحتك، والجسم يطلب رفقتك، ومجالستك، حبك يا رسول الله دمٌ يجْرِي في عروقنا.
أخي القارئ الكريم:
ما إن أُذِن بميلاد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم :
ü حتى أُذِنَ مَعهُ بميلاد كل مكارم الأخلاق.
ü وأُذِنَ معه بميلاد الحرية للضعفاء والمستضعفين.
ü وأُذِنَ معه بميلاد التوحيد الحق، وكلمة الصدق.
ü وأُذِنَ معه بميلاد أسمى كلمات الود والتصافي والإخاء.
ü وأُذِنَ معه بميلاد قوة أهل الحق، والمظلومين.
ü وأُذِنَ معه بميلاد العزة والكرامة .
اللهُ أنقَذَ الدُّنيَا بِمَوْلِد مُحَمَّدٍ
وَمِن هُدَاهُ لنَا رَوْحٌ ورَيْحَانُ
لوْلاَهُ ظَلَّ أبُو جَهْلٍ يُضَلِّلُنَا
وتستبيحُ الدِّمَا عَبْسٌ وَذُبْيَانُ
لقد كانت لحظة مولده، إيذانًا بــــ:
· عودة الحقوق لأصحابها.
· عودة الناس لربها وخالقها.
· ضبط الميزان البشري في الحياة.
ولقد أَذِنَ الله للدنيا أن تنير بعد ظلامها:
· نعم: أَذِنَ الله لبيته الحرام أن يُنَادَىَ فيه بعد طول شرك وعناد، بنداء العزة والتوحيد.
· أَذِنَ الله للمظلومين والمقهورين أن ينتصروا ويعيشوا حياة الأحرار، لا حياة العبيد.
· لقد أَذِنَ ربنا U أن يكون مولد حبيبه صلى الله عليه وسلم مولداً لِكُلِّ معاني الخير، والود، والرخاء.
· هنا وهناك: الكون مبتسم وفرِحٌ، الكُلّ مستبشر بقدوم أفضل مولود.
وما إن وُلِدَ ذلك المولود الجديد، حتى استنشق الناس عبيرا للكون مميزاً، وأضاء الكون بعد طول ظلام، وذلك ما رأته أمه عند ولادته، وتحقق وقوعه من كسر إيوان كسرى.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من بعد:
ý بسمةً وبلسماً للبائسين.
ý وكانت ثقته بربه أملًا لليائسين.
ý وكانت حياته قدوة للمقتدين.
إنه هذه الشخصية التي ظهرت على قدَرٍ قدَّره الله تعالى، وكانت المثال الأعلى للإنسان الكامل المتوازن في الحياة، متوازن في كل شيء حتى في التعامل مع الباطل وأهله، وأصحاب البغي والعدوان.
وصدق الشيخ الشاعر يوسف القرضاوي عندما قال:
الـلـيلُ طالَ ألا فجرٌ هناك لاح سنا المختار مؤتلقاً يـقود دعوته في اليمّ باخرة الـسـلم رايتها والله غايتها | يبدّدهُربّـاه أرسـل لنا فُلكاً يهدي إلى الله أعجاماً وعربانا تـقـلّ من أمَّها شيباً وشبان لم تبغِ إلا هدى منه ورضوانا | وربّانا
ومما لا شك فيه – أخي القارئ- أننا جميعا نسعد بمناسبة مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن:
رسولنا صلى الله عليه وسلم ما يريد منا كثير خطب رنانة، ولا شعارات براقة، ولا كلمات مزخرفة، فحسب؛ بل يريد منا عملاً وتطبيقاً واقتداءً، وصدق الله حيث يقول: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب:21).
كم واحد منا اليوم يقول ويدعي أنه يحب الرسول، ويفرح بموسم مولده الشريف، وقد يزين بيته بزينة المولد، وقد يُعَلِّق كلمات ولوحات يُدَلِّلُ بها على حبه لرسوله، ولكن:
هل عَلَّق كلمات الرسول في قلبه؛ لتكون نبراساً له عند الحاجة؟
هل زَيَّن حياته بحركات الرسول وتصرفاته الطيبة المتميزة؟
هل رَبَّى أبناءه على التخلق بأخلاقه العظيمة؛ حيث يقول ربه في شأنه وحقه، بعد أن زكاه في كل جسمه وأعضائه، قال: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"(القلم:4).
أيها القارئ المُكَرَّم:
أسألك سؤالاً الآن، ولكن أجب بصراحة:
1. ماذا لو قيل أن رسول الله سيزور بيوت المسلمين في ذكرى مولده، هل أنت كمسلم مستعد لاستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم في بيتك؟.
2. وأسألك: ماذا ستصنع بأدوات اللهو التي تملأ بها بيتك ومنزلك؟.
3. وأين حجاب زوجتك؟.
4. وأين صلاتك؟ أين حرصك على الصلاة في وقتها؟.
5. وأين عفة البنات وحيائهن؟.
كل هذه الاستفسارات تحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس قبل أن تقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتقف معها وتجيب على نفسك، لا باللسان؛ ولكن بالفعل والتطبيق، وعمل الجوارح والأركان.
طلبنا واحتفالنا الحقيقي:
لقد تعددت الروايات في ذكر قصة مولد رسول الله، ولعل أغلبها قصص موضوعة، وملفقة، ورسولنا تعددت المعجزات الباهرات، التي رافقت مولده، ولكننا لا نريد أن نقف كثيرا مع ذلك في احتفالنا بمولده، وإن كان لا مانع من معرفة ذلك من باب العلم بالشيء، ولكن لا يكون ديدننا دائمًا.
إننا نريد –أحبتي- عوداً حميداً لأخلاق الرسول وتصرفاته، ونهجه الصحيح للإسلام، وعملًا دءوبا ً؛ لتحرير الأوطان والبلاد؛ وعندما نحتفل بمولده، لا نحتفل بمولده على أنه احتفال بميلاد شخص فحسب، وإن كان ذلك شرف لا يدانيه شرف، ولكن أضف إلى ذلك أننا نحتفل بميلاد رسالة عالمية متميزة؛ ظهرت على يد رسول الله محمد، وهو النبي الذي أعدته العناية الإلهية؛ ليحمل الرسالة التي امتدت طولا حتى شملت آباد الزمن، وامتدت عرضا حتى انتظمت آفاق الأمم، وامتدت عمقا حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة.
معان إيمانية تحييها فينا ذكرى المولد:
1. إحياء روح التمسك بسنة رسول الله.
2. تجديد الإتباع وتوثيق الاقتداء برسول الله.
3. إحياء عظمة شخصية الرسول بين كل الشخصيات.
4. إحياء معاني الوحدة الأخوية الإسلامية.
احتفال واحتفال
احتفال صحابة رسول الله بمولده |
احتفالنا اليوم بمولد رسول الله |
كان احتفالهم بمولده صلى الله عليه وسلم جميع أيام العام |
احتفالنا في موسم نحدده يوما أو يومين |
احتفالهم يرافقه طاعة للرسول في أوامره |
احتفالنا يرافقه أحيانا عصيان للرسول |
احتفالهم يتلخص في أمرين: 1. فعل جميع ما يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وصورة "ففي صورته يمتثلون، وبسيرته يقتدون، وفي سريرته أيضا يباشرون، إن أمكن" 2. ترك جميع ما يكره من قول أو فعل أو سلوك ما يخالف قوله وفعله. |
نحتفل بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزعم حبه، وترى من بيننا من يجاهر بمعصية الرسول، فهذا: · ما زال يتعامل بالربا. · ومازالت تخرج متعرية كاشفة شعرها وجسدها . · وما زال يرتشي ولا يبالي. · وما زال ينظر للعورات. |
ولذا فإن الدولة التي تسمح بظهور العورات في وسائل الإعلام، وتساهم في نشر الرذيلة، فإنها لا تحتفل بمولد رسول الله، وإن أقامت الحفلات والسرادقات. |
بمثل هذا فليفرح رسول الله
أقول: إنَّ الاحتفال بمولد رسول الله يتلخص في الرجوع إلى منهجه وسنته وطريقته، ومحاولة منا أخي القارئ، في توضيح كيفية الاحتفال بمولد الرسول، أعددت لك هذه الوسائل العملية في حسن الاحتفال بميلاد خير الرجال، ولتراجع نفسك معها. فتعال بنا الآن لنسلط الضوء على بعض هذه الوسائل:
أولا: إعلان المحبة الخالصة والحقيقية لرسول الله، وتفضيل كلامه وفعله على غيره، ولك عندها أن تتلذذ بحلاوة الإيمان، وليكتمل إيمانك، "لأن القلب لا يموت وفيه حب الرسول، وإذا ماتت محبة الرسول من قلب المؤمن ضاع وتاه وضل الطريق". ولك أن تذكر حديثي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
· عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود للكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " متفق عليه.
· وفي الصحيح أيضاً أن عمر رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه، واللّه لأنت أحب إلي من كلّ شيء ، إلاّ من نفسي.. فقال صلى اللّه عليه وسلم: لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: يا رسول اللّه واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء، حتّى من نفسي، فقال صلى اللّه عليه وسلم: الآن يا عمر". وأقصد الفعل لا الكلام فحسب.
ثانيا: التخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، لتقترب من المنزلة العالية من رسول الله في يوم القيامة، فقد قال رسول الله: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقا".
ثالثا: من وسائل الاحتفال بمولد رسول الله: الإتباع الحقيقي لخطوات رسول الله في حياته، وذلك مصداقا لقول الله جل وعلا: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، ومن ثم فإتباع حقيقي للخطوات النبوية، يمثل احتفالا صادقاً بمولده، وما من وقت يحتاج المسلمون إلى أن يتعرفوا إلى أخلاق نبيهم كهذا الوقت، الذي نرى فيه تفسخا للأخلاق، وسهولة في فعل الرذيلة، ومشاركة وسائل الإعلام في ذلك الإثم الخطير.
ولابدَّ إذاً: أيها الأخ القارئ ... من وقفةٍ متأنيةٍ عند هذه النقطة، كيف أهتدي بهديه؟ كيف أتَّبع سنته؟ كيف يكون النبي أسوةً لي؟ كيف يكون النبي قدوةً لي؟ إن لم أطلع على حياته، على سيرته، على بطولته، على مواقفه، على خصوصيَّاته، على علاقته بأزواجه، علاقته ببناته، علاقته بإخوانه.
** وحتى لا أطيل عليك أكثر من ذلك، وإن كان الحديث عن رسول الله حديث ودود إلى النفس، فإليك الآن الوسائل مختصرة ليفرح رسول الله بتطبيقها ولتعود العزة للأمة الإسلامية
م |
الوسائل التي من خلالها يمكننا أن نحتفل بمولد رسولنا ويفرح باحتفالنا |
1 |
إعلان الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالإتباع لسنته، والتخلق بأخلاقه. |
2 |
ومن الاحتفال الحقيقي: أن يتحد المسلمون تحت راية واحدة، وينبذوا كل القوميات والعصبيات والوطنيات. |
3 |
رفع راية منهج الرسول عاليا، وهجر كل مناهج الكفر والإلحاد. |
4 |
نصرة المستضعفين والمضطهدين من المسلمين في جميع أنحاء العالم، ونصرة أهل الحق ولو بالكلمة. |
5 |
منع الفسوق والعصيان من الظهور والانتشار. |
6 |
دعوة المسلمين إلى العودة للنهج القويم من الأخلاق الحسنة والفضائل المتميزة. |
فإذا فعلوا ذلك فعندها نقول: بمثل هذا فليفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكل عام أنتم بخير، وكل عام أنتم إلى الله أقرب، وعلى طاعته أدوم، وعن معاصيه أبعد، وكل عام، وأمتنا أكثر عزة، ونصرة، وأوفر كرامة.