ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام
ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام
عبد المعز الحصري
[email protected]
قال
تعالى : " أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون "
المؤمنون (69)
1- هل
احياء ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم له أصل في السنة او عند السلف الصالح .
2- هل
أنكر بعض المسلمين من الأمة ما هو صحيح .
3- هل
في ذكرى مولده يتم التعرف على رسولها .
4- هل
يجب علينا تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بما يرضي الله ورسوله .
المقدمة :
ان
الامة في زماننا – الزمن الذي لعب فيه اليهود والنصارى برؤوس شبابها – غاب عنها نور
نبيها صلى الله عليه وسلم وبعد توشطت عن منهج القرآن والسنة حتى أنكر بعضها ما هو
صحيح في السنة ولاحول ولا قوة الا بالله ولم يعرف البعض رسولهم كما كان الصحابة
رضوان الله عليهم وقد يسأل سائل ان الصحابة والرعيل الاول من الامة لم تكن تحتفل
بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم .
الموضوع :
ان
الاحتفال بالمولد الشريف لذكرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مشروع في الاسلام
وذلك حتى نعرف رسولنا الكريم ولا ننكر شيئا مما صح عنه كيف لا وقد أقسم الله بأعظم
قسم من مخلوقاته حيث قال :
"
لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون " الحجر (72) .
وهذه بعض أدلة مشروعية الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام .
1-
يقول ابن تيمية من اقتضاء الصراط المستقيم : (تعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله
بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم
) .
2-
يقول الامام الاكبر عبد الحليم محمود : ( الاحتفال بالمولد النبوي سنة حسنة من
السنن التي اشار اليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : من سن سنة حسنة فله أجرها
وأجر من عمل بها ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها . ) من كتاب الفتاوى
.
استنبط العلماء وجه مشروعية الاحتفال بالمولد مما يلي :
1-
سئل صلى الله عليه وسلم عن صوم الاثنيين فقال : " ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعث أو
انزل علي فيه " . رواه مسلم برقم 1978 . نعم لم ينس صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم
الذي ولد والذي منّ الله عليه بنعمة الايجاد وأمده الله بنعمة الامداد فأطال عمره
حتى أصبح النبي المرسل وسيد ولد آدم فكان منه عليه الصلاة والسلام أن يشكر الله على
تلك النعمتين – الايجاد والامداد - .
وشكره صلى الله عليه وسلم على ذلك بالتقرب الى الله فسن لأمته صوم الاثنيين والخميس
لانه ترفع الاعمال فيهما الى الله وخص الاثنيين وهو الآكد تخليدا لذكرى مولده
وبعثته ونزول القرآن عليه وصام الصحابة ذلك اليوم لعلمهم وفقههم بحياة وافعال وسنن
الرسول صلى الله عليه وسلم . والصوم من أجلّ الطاعات وأعظمها فقد نسب الله تعالى
هذه العبادة لنفسه (الا الصوم فانه لي وانا اجزي به ) مع ان العبادات كلها لله .
2-
سئل ابن حجر فأجاب بالذي ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم
المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم فقالوا : هذا يوم أغرق الله فيه فرعون
ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى .
3-
يستفاد من فعل الشكر لله تعالى ما منّ به من يوم من اسداء نعمة أو رفع نقمة وفي هذا
تخليد لذاكرة الأمة بأيام الله حتى نتدارسها ونعيش نعمائها .
أدلة جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
1-
ورد في البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل يوم اثنيين بسبب عتقه ثويبة جاريته لما
بشرته بولادة المصطفى عليه الصلاة والسلام .
2-
أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده بالصوم وقال في صوم يوم الاثنيين " ذاك
يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل عليّ فيه " .
3-
ان المولد الشريف والاحتفال بذكراه والاعتكاف على دراسة سيرته مطلوب شرعا وما يبعث
على المطلوب شرعا فهو مطلوب شرعا . وفي هذا تعظيم لرسولنا وتذكير للأمة بشمائله
وخصائصه وصفاته وقد امرنا الله تعالى بتعظيم رسوله بقوله "
لتعزّروه وتوقّروه ...." الفتح (9) . أي تنصروه
وتعظموه وطبعا هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
4-
ان يوم مولده صلى الله عليه وسلم استحسن المسلمون المحبون له والذين فهموا صوم
الاثنيين منه صلى الله عليه وسلم لأنه ولد فيه .
5- لقد
عظّم الصحابة رضي الله عنهم الرسول صلى الله ىعليه وسلم وحرصوا على التبرك بآثاره .
6- التعرض
لمكافأته ومدحه والثناء عليه وكلنا لاننسى طلع البدر علينا ذلك النشيد الخالد .
7-
يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في فضل يوم الجمعة " فيه خلق آدم " تشريف الزمان
بولادة نبي . فكيف باليوم الذي ولد فيه أشرف الخلائق وسيد ولد آدم .
8-
ان الله قص قصص الانبياء عليهم السلام في كتابه ليثبت قلب النبي صلى الله عليه وسلم
قال تعالى " وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به
فؤادك " هود (120) . ونحن بأمسّ الحاجة الى تثبيت قلوبنا حيث لا معين لنا
ولا ناصر الا الله . فالرجوع الرجوع الى دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم دراسة
مستفيضة وفهمها الفهم الصحيح والوقوف عند دقائق الأمور وأخذ العبرة من ذلك لتكون
لنا نبراسا ينير طريق الظلمات في حياتنا .
9-
ليس كل ما لايفعله الرسول صلى الله عليه وسلم والرعيل الأول أو لم يكن في زمانهم
بدعة بل قد يكون من الامور المحدثة ما هو واجب في حق الأمة كالرد على أهل الزيغ
وتعليم النحو وترجمة معاني القرآن الى اللغات غير العربية .
10- ليس
كل بدعة محرمة ولو كان ذلك لحرم جمع القرآن من قبل أبي بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم
ولحرم جمع عمر الناس على صلاة التراويح . قال الامام الشافعي : ( ما أحدث وخالف
كتابا أو سنّة أو اجماعا أو أثرا فهو البدعة الضالّة وما أحدث من الخير ولم يخالف
شيئا من ذلك فهو المحمود )
أقول وبالله التوفيق :
ان
الناس في يومنا لم يعرفوا رسولهم وانكروا سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام فهذا رسول
الله يصوم يوم الاثنيين فلنصم يوم الاثنيين احياء لذكرى مولده الشريف الذي أطل على
الناس هيبة وضياء وسعادة وفم الزمان تبسم وسناء حتى ترى كثيرا من الناس لا يحفظ
خمسة أحاديث صحيحة وكما سمعت في احدى القنوات التلفزيونية سائلة تسأل أين قبر النبي
صلى الله عليه وسلم هل هو في المدينة أم في مكة .
ونحن اليوم بأمسّ الحاجة الى اتباع سنته ومعرفة صفاته وتعظيمه وتطبيق ذلك على
حياتنا وتعليم أولادنا لسيرته وغزواته وحركاته نعم لقد نقل الينا بعض الصحابة
والذين كانوا في عمر البراعم فتيان أجل وأدق حركات الرسول (وكان متكئا فجلس ) . ان
التصديق على دعوانا بمحبة الله واستجلاب محبة الله لنا هو باتباع الرسول صلى الله
عليه وسلم . " قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله "
"
ولكم في رسول الله أسوة حسنة " الاحزاب (21) .
" وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
" وقال تعلى " ومن يطع الرسول فقد أطاع الله "
ان
المحب اللبيب لايحتاج الى كثرة ادلة لاثبات مشروعية المولد النبوي الشريف بل تكفيه
بما ورد الاشارة اليه في صحيح البخاري ومسلم الآنف الذكر . ولقد سمعت ورأيت من
العلماء الاجلاء النجباء من كان يجلس في المسجد مع الناس يحتفلون بذكرى مولده
الشريف منهم سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري رحمه الله في معرة النعمان والشيخ محمد
هشام برهاني في دمشق والشيخ محمد الحامد رحمه الله في حماه والشيخ الرطل البناني من
المغرب والشيخ سيد الصاوي من مصر ولقد كان مجلس الصلاة على النبي يقام في كل من
دمشق وحمص وحماة وحلب ومعرة النعمان وابو ظبي ومدن أخرى من العالم الاسلامي وكان
الاحتفال يبدأ بالقرآن الكريم ثم بكلمات من بعض العلماء توضح سيرته وصغاته وتعرف
الناس بنبيهم لذلك قال بعضهم ان استطعت ان لانحك رأسك الا بدليل فافعل فنحن بحاجة
في كل حركة اى اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى ننعم ونسعد في الدنيا وتصلح
أعمالنا وأحوالنا في الدنيا فننتصر على أنفسنا وأعدائنا . وننعم بمنزلة القرب من
النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى الجنان ثم مديح للرسول عليه الصلاة والسلام وليس
فيه ما يخالف الكتاب والسنة .
وهذا بعض مما يتغنى به المادحون بالحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام :
وهذا شاعر آخر يتغنى بالحبيب فيقول :
وان
كل ما يحصل اثناء الاحتفال بمولده ولا يخالف الشرع بل يوافقه فهو مطلوب شرعا لان ما
أدى الى مطلوب شرعا فهو مطلوب شرعا ومحمود كما مر سابقا .
واذا أردت أن تعرف قدر محبة الله لك فاعرف قدر اتباعك للنبي صلى الله عليه وسلم فان
المسألة في ذلك متوازنة اي ان اتباعك للنبي صلى الله عليه وسلم تساوي محبة الله لك
.
ولا
تنس اخي المؤمن المحسن أنك ان جعلت وقتك في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
يكفيك الله ما أهمك وتقضى حاجتك فكيف اذا طبقت ذلك على جوارحك فكنت تصحب انفاس
النبي صلى الله عليه وسلم حيث فاتنا نحن اصطحاب نفسه صلى الله عليه وسلم ولا تنس
عظمة هذا النبي وانت مدعو للمشاركة بالصلاة على النبي مع الملائكة . "
ان الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما " .
ولاتنس ا ناول من فطن الى الاحتفال بالمولد واحيى ذلك هو الملك المظفر ملك اربل وان
هذا الملك تقيا نقيا وكان يطعم الطعام على حبّ النبي صلى الله عليه وسلم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المراجع :
القرآن الكريم
صحيح البخاري ومسلم
كتاب "السنة بين الافراط والتفريط "
ولـد الـهـدى فالكائنات ضياء
الـروح والـمـلأ الملائك حوله
والعرش يزهو والحظيرةتزدهي
والوحي يقطر سلسلا من سلسل
يـا خـير من جاء الوجود تحية
بـك بـشـر الله السماء فزينت
يـوم يـتيه على الزمان صباحه
يـوحـي إليك النور في ظلمائه
والآي تـتـرى والخوارق جمة
ديـن يـشـيـد آيـة فـي آية
الـحق فيه هو الأساس وكيف لا
بـك يا ابن عبدالله قامت سمحة
بـنيت على التوحيد وهو حقيقة
ومشى على وجه الزمان بنورها
الله فـوق الـخـلـق فيها وحده
والـديـن يـسر والخلافة بيعة
داويـت مـتـئدا وداووا طفرة
الـحـرب في حق لديك شريعة
والـبـر عـندك ذمة وفريضة
جـاءت فـوحدت الزكاة سبيله
انصفت أهل الفقر من أهل الغنى
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا
زانـتك في الخلق العظيم شمائل
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى
وإذاعـفـوت فـقـادرا ومقدرا
وإذا رحـمـت فأنت أم أو أب
وإذا أخـذت الـعهد أو أعطيته
يـامـن لـه عز الشفاعة وحده
لي في مديحك يا رسول عرائس
هـن الـحسان فإن قبلت تكرماوفـم الـزمـان تـبسم وسناء
لـلـديـن والـدنـيا به بشراء
والـمـنـتهى والسدرة العصماء
والـلـوح والـقلم البديع رواء
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
وتـوضـأت مـسكا بك الغبراء
ومـسـاؤه بـمـحـمد وضاء
مـتـتـابـعا تجلى به الظلماء
جـبـريـل رواح بـهـاغداء
لـبـنـائه السورات والأضواء
والله جـل جـلالـه الـبـناء
بـالـحق من ملل الهدى غراء
نـادى بـهـاسـقراط والقدماء
كـهـان وادي الـنيل والعرفاء
والـنـاس تـحت لوائها أكفاء
والأمـر شورى والحقوق قضاء
وأخـف مـن بعض الدواء الداء
ومـن الـسـموم الناقعات دواء
لا مـنـة مـمـنـوحة وجباء
حـتـى إلتقى الكرماء والبخلاء
فـالـكـل في حق الحياة سواء
مـنـهـا ومـايـتعشق الكبراء
يـغـرى بـهن ويولع الكرماء
وفـعـلـت ما لا تفعل الأنواء
لا يـسـتـهين بعفوك الجهلاء
هـذان فـي الدنيا هما الرحماء
فـجـمـيـع عهدك ذمة ووفاء
وهـو الـمـنـزه مـاله شفعاء
تـيـمـن فـيك وشاقهن جلاء
فـمـهـورهـن شفاعة حسناءتـجـلى مولد الهادي وعمت
وأسـدتْ لـلبرية بنتُ وهبٍ
لـقـد وضعته وهاجا منيراً
فـقام على سماء البيتِ نوراً
وضاعت يثربُ الفيحاء مسكا
أبا الزهراءِ قد جاوزتُ قدري
فـما عرف البلاغة ذو بيان
مـدحتُ المالكين فزدتُ قدراً
كأن النحس حين جرى عليهم
ولـو حفظوا سبيلك كان نوراً
بـنيْت لهم من الأخلاق ركنا
وكـان جـنـابُهم فيها مهيباً
فـلـولاها لساوى الليث ذئباً
فـإن قـرِنـت مكارمُها بعلمٍبـشـائرُه البواديَ والقصابا
يـداً بـيضاء طوّقتِ الرقابا
كـمـا تلِدُ السماواتُ الشِّهابا
يـضءُ جـبالَ مكة والنِّقابا
وفـاحَ الـقـاعُ أرجاءً وطابا
بـمـدحك بَيْدَ أن ليَ انتسابا
إذ لـم يـتـخـذْك له كتابا
فـحين مدحتُك اقتدتُ السحابا
أطـار بـكـل مملكةٍ غُرابا
وكان من النحوس لهم حجابا
فخانوا الركن فانهدم اضطرابا
ولَـلأخـلاقُ أجدرُ أن تهابا
وساوى الصارمُ الماضي قِرابا
تـذلـلـت العلا بهما صعابا