النصيحة جهاد الضعفاء والفقراء والمرضى
د. فوّاز القاسم / سوريا
إن إسداء النصيحة ، هي من أهم خصائص الدعاة وأصحاب المبادئ ، فهي أداة جوهرية للمراجعة والإثراء الحقيقي في الجماعة والدعوة.
وهي جهاد الضعفاء والفقراء والمرضى ، كما قال تعالى في سورة التوبة :
(( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ ، مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) التوبة 91
ولقد عرّف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الدين كلّه بأنه النصح المخلص .
فقال : (( الدين النصيحة )) .
قيل لمن يا رسول الله .؟ قال: (( لله ، ولرسوله ، ولكتابه ، ولأئمة المسلمين وعامتهم )) . مسلم .
ولقد كان تقديم النصيحة هو جوهر رسالات الأنبياء والمرسلين جميعاً ، فقد ورد على لسان هود (عليه السلام) قوله :
(( … أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين )).(الاعراف(68) )
وورد عن شعيب ( عليه السلام) قوله :
(( … لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم )).(الاعراف(93) ) .
وهكذا ، بالنسبة لجميع الأنبياء والمرسلين ، سلام الله عليهم ...
فاذا ما ادعينا بأننا نحب دعوتنا وإخواننا وأمتنا ، فان أحد معايير هذا الحب هو ذلك القدر من النصح المخلص الذي نسديه اليهم ..
وخاصة الى الطبقة المسؤولة فيهم .. وعليهم أن يتقبلوه بصدق ، وإخلاص أيضاً ، ويشجعوا عليه ، ويكون حافزاً لهم على تعديل سلوكهم نحو الافضل …
ولقد حذرنا الاسلام من إهمال النصيحة وعدّ ذلك من مهلكات الجماعات والأمم ، فحمل القرآن على الجماعات السلبية ، وعاب عليها تخليها عن واجبها في النصح فقال : (( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ، لبئس ما كانوا يفعلون )) المائدة (79).
وعلى الجهة المنصوح لها ، وخاصة إذا كانت في موقع القيادة والمسؤولية ، أن تشجع ظاهرة النصح وتفرح بها ، وتعتبرها ظاهرة صحية في الجماعة ( لا خير فيكم إذا لم تقولوها ، ولا خير فينا إذا لم نسمعها) ( عمر رضوان الله عليه ).
وعليها ان لا تضيق بها ذرعاً حتى ولو كانت على أعواد المنابر ( كما كان يحصل مع عمر أمير المؤمنين رضوان الله عليه وغيره من الخلفاء )، بل ترحب بها ، وتتلقاها بقلب سمح ، وعقل منفتح ، ووجه طلق ، وأن تعبر عن امتنانها لها ، وتقديرها لصاحبها .
وأن تعمل على تحسين سلوكها وأدائها ، بما يخدم الأهداف العليا للحركة والأمة.