موسم الرحمة

هايل عبد المولى طشطوش

[email protected]

هنيئا إلى تلك الأرواح التي تعلقت بأستار الكعبة ترجو رحمة الغفور الوهاب، ان رحلة الحج إلى هاتيك الديار تذكر الإنسان بباقة من الحقائق وجملة من الأخبار  .....أولها : ماضية ثم حاضرة ثم مستقبلة..... تذكره بالحياة التي يعيش ثم في المصير القادم ثم بالأجل المحتوم ثم بالموقف العظيم ... .

إنها رحلة الروح إلى بارئها لتغتسل هناك من أدران الدنيا وما علق بها من الأوحال المادية البحتة التي تتوق النفس البشرية إلى احتوائها.... ، تتصل الروح بخالقها فينزل خيط السماء إلى الأرض لتعرج الروح إلى ملكوت الله فتلتقي بالطهر والقداسة والصفاء الخالد النقي فتتعلق عندها بما يمنحها الخالق من رحمات وغفران .. .

انه الطواف الذي ينقل الإنسان من دنيا الفردية إلى عالم القيامة والتجمع الأكبر الذي سيرحل له في يوم ما  ، لا محالة  ، انه موقف الرهبة والهيبة والجلال ، الأبيض والأسود والأحمر العربي والعجمي ، لغات كثيرة ألوان كثيرة وجوه فقيرة وأجساد عارية تلفحها الشمس فتذكرها بالموقف الأعظم الذي ستغرق فيه الروح في بحر من العرق يلجمها إلجاما ، ...... انه يوم الحج الأكبر يوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة ، انه نزول هيبة الخالق وجلاله إلى السماء الدنيا رحمة بعبادة وتقديرا لهم وغفرانها آلهيا .... !!  عقد جليل تشهد علية ملائكة السماء بان الله قد غفر لأهل الموقف..  عندها تفوح نسائم الرحمة فتصيب ببردها أهل الأرض أجمعين ، يا لجلال الموقف !! ويا لهيبة الأرض يومها كيف يتغير نور الشمس فتتحول إلى مصباح يمنح الدفء والضياء فكأنما خيوطها ترسل نسائم الغفران بدلا من لهيب النيران ، انه الحج الذي ليس كمثله على وجه الأرض موقف انه تذكرة لنا لنستعيد هيبة محمد علية الصلاة والسلام يقف على جبل الرحمة يودع أمته ويقول بصوت نبوي حزين :" لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا " إنها كلمات  تبعث الحزن فتجمر القلب وتكتم الأنفاس حزنا على فراق نبي الرحمة والإنسانية ...!! ، في هذا الموقف العظيم  يرسي نبي الهدى قواعد الدستور الإسلامي فيزيح عن كاهل الأمة ما يثقله ويضع لها معالم الطريق القويم لتكون خير أمه أخرجت للناس ، حقا انه موسم عظيم تسرح فيه الروح إلى خالقها طلبا للرحمة والمغفرة .