(لا يموتُ فيها ولا يَحيا)
(لا يموتُ فيها ولا يَحيا)
مصطفى حمزة
قال تعالى : ( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيا ) (74) طه
- إنّه : الضمير في ( إنّه ) يُسمّى ضميرَ الشأن ، أي : الحال أو الشأن أو الحدث إنّه مَنْ يأتِ اللهَ مجرماً ... الآية . وحين تستخدم العربيُّةُ ضميرَ الشأن فإنها تُريدُ تفخيمَ أمر ما أو تعظيمَه في نفس المتلقي .
- (مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ ) : هذا الأسلوب هو أسلوب الشرط ، جملة الشرط ( يأت ) وجوابه ( فإنّ له جهنّم ) ، ربطت بينهما أداة الشرط ( مَنْ ) وهي تخصّ الإنسان ، ولا تُستخدم لغير العاقل . ويُفيد الأسلوبُ أنّه إذا جاءَ المرءُ إلى ربه يوم الحساب وهو مجرم سيتحقق جوابُ الشرط ، تكون له جهنّم . و ( إنّ ) للتوكيد ، والذي يتوعّد هو الله القدير الجبّار .
- ( لَهُ جَهَنَّمَ ) : هذا شكل من أشكال أسلوب القصر ، بتقديم ما حقّه التأخير ، قدّم الجارّ والمجرور ( شبه الجملة ) على اسم ( إنّ ) . لماذا ؟ ليقصرَ جهنّم على صاحب الهاء ، الضمير الذي يعود على المجرم ، فالمقصور هو جهنم ، والمقصور عليه هو المجرم ، وكأنّها خُصّصت له !! فليستبشر المجرمون في الأرض بجهنّم خاصّة بهم في السماء ! أو فلْيستبشروا بجهنّمَ ، ليسَ غير .
- ( لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيا ) : لا يحيا .. يفهمها العقلُ لأول مرة ، فالنار مميتة ، ولكن ( لا يموت ) !! هنا التفكّر المُخيف .. سوفَ يبقى حياً يُبدّلُ جلدُه كلما نضج .. إلى الأبد .. فليستبشر بهذا العذاب الأبديّ المريع أصحابُ مقولة ( إلى الأبد ) في الدنيا ..
- الحمد لله أن جعلنا ممن يؤمنون بالغيب ، وإلاّ كيف كانَ بإمكاننا العيشُ في آلام هذه الدنيا نرى ونعاني من جرم المجرمين فيها ، ولا حول لنا و لا قوّة معهم ؟!
فلك الحمد اللهم ولك الشكر حتى ترضى على مواساة قلوب عبادك المظلومين..