بين يدي رسول الله

محمد ياسين العشاب

محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب

[email protected]

اللهم صل على سيدنا محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد.

نحمدك اللهم أن جعلتنا من أمة هذا النبي الكريم، وشرفتنا بحمل رسالته للعالمين، وليس يدري مقدارَ ما شرفتنا به إلا محسنٌ عارف، وكلُّ أملنا ومرادنا أن نظل على باب خدمته واقفين، لا يشفي صدورَنا المُحِبَّةَ المُلَوَّعَةَ به إلا أن نكون ذراتٍ من تربةٍ مباركة مشى عليها بقدميه  الشريفتين!

نقف ببابك الذي هو باب الله لنقول لك معترفين مقرين أَنَّا ما وفيناك حقَّ محبتك، ما استجبنا لك، ما جئناك لتستغفر لنا ربنا، ما عظَّمناك كما أَمَرَنَا مولانا في شخصٍ كريمٍ عَظَّمَ الله قدره قبل أن ترتفع السماوات.

نقف ببابك وكلنا أملٌ أن تقبلنا عند حوضك، وتشملنا بشفاعتك العظمى يوم لا شافع ولا مشفع إلا أنت، لا ملجأ لنا يومها إلا أن يتردد على أسماعنا ونحن في أوج الهول العظيم: أنا لها، أنا لها! فلا ترُدَّنَا يا نور الأبصار وجلاءَ الأكدار!

دنيانا همومٌ لا جلاء لها، ونفوسنا في غمرةِ انشغالها ضَيَّعَتْ تقواها، فمن لزكاتها إلا نوركَ الذي نطمح أن نغترف منه غرفةً نسعد بها ما بقي لنا من عمر، وأن نرقى بها في أخرانا إلى مقام القرب والجوار!

نهيم من وادٍ سحيقٍ إلى واد سحيق، ورؤوسنا بين أكفنا لا نلوي بها على مصير، تراودنا الدنيا الظالمة لنفسها عن نفسها كلَّ آنٍ ولحظة، وينتهك حُرَمَنَا كلُّ غريبٍ غَفَلَ عن معناك، وادعى حربكَ وما له بها قِبَل، وأنَّى له وناصرك الله القوي المنتقم الجبار.

تضيءُ قلوبُنا وبصائرُنا وحياتُنا بذكرِ أنوارِك، كأنما أنت قمر لا كالأقمار، ويشفي غليلَنا في دنيانا الكئيبة الخائفة ما يَرِدُ علينا من عَذْبِ حديثك، وما فيه من بشائرَ بغد الإسلام تحيلُ حياتنا بعد الجحيم نعيما.

 نقف ببابك وقد أتانا مما ورد علينا من أحاديثك العذِاب ما إن تمسكنا به رَفَعَ الله رؤوسنا بين الأمم، كأنما هي شَهْدٌ لا تغادر أفئدتَنا ومشاعرَنا حلاوتُه، وأتانا ما يثلج صدورَنا من حديث سيرتك التي طَيَّبَتْها أخلاقُكَ بطيب الرحمة المهداة للعالمين، وأَرَّجَتْهَا أنفاسُكَ الشَّذِيَّةُ الغرَّاءُ وأنتَ تَحيَى فتُحيي قلوبنَا بين صفحاتها المشرقة بنور الله، نتنقل بين جنباتها وحنينُنا إليك لا تطفئه بحار الدموع، ولا تأتي عليه نيرانُ الوجد، ولا يخفف منه إلا أنك قد أحببتنا وتَشَوَّقْتَ بروحك المعظَّمَةِ إلينا، وأَنَّى لأرواحنا السقيمة العليلة إلا أن تبادلك حبا بحب، وشوقا بشوق، وهل نحن إخوانُك يا قرة العين وبهجة الفؤاد؟

 لو ترقرق من أعيننا الدمعُ حتى يَبُلَّ الثرى فيهتزَّ ويربوَ ما كَمُلَ تعبيرنا عما في صدورنا من الفرح بما أكرمتنا وشَرَّفتنا به!

كيف والأنبياء والمرسلون مَرَامُهم رشفةٌ من ديمتك، أو غرفة من بحرك الخِضَمِّ الزاخر المتلاطم، ونحن ما رأيناك يا حبيب القلوب ولا سمعناكَ إذ فَصَلَنَا عنك الزمان البعيد، حتى إذا تلاطمت في سرائرنا وصدورنا أمواجُ حبك كأنما نحن معك، تَرَاكَ أرواحُنا رأيَ العين، ونَحيى معك بها كأنما نحيى سيرتك المُبَجَّلَةَ لحظةً بلحظة، ونُقِرُّ أعيننا بمرآكَ السعيد بوهمِ رؤياكَ بقلوبنا الملَوَّعَةِ بك، وما أجلَّهُ من وهم، وما أحسنَهُ من وهم، وما أسعدنا به من وهم، نحسُّ بفضله وَهَجَ القرب منك إن تلونا حديثا أو رأينا من أثرك الشريف قبسًا مضيئا تَرِفُّ له الأرواح، ولو خيالاً أو صورةَ نعل كلُّ مُنَانَا أن نُقَبِّلَهُ تقبيل الحبيب للحبيب!

رُبَّ قَلْبٍ يَبْكِي وَ إِنْ جَفَّتِ الْعَيْنُ
قَدْ  جَرَى فيِ دَمِي هَوَاكَ و iiلَوْلاَ
وَعَـجِيبٌ  بُعْدُ الْقَرِيبِ و iiخَوْفٌ
كَـيْفَ  أَعْنُو لِذَا الْجَوَى iiوَأُقَاسِي
وَطُـيُـوفٌ  تَـزُورُنِي كُلَّ iiلَيْلٍ
وَسَـبَـانِي شَوْقٌ فَنَانِي iiفَجِسْمِي
وَأَنـا الْـطَّـائِـرُ الْمُوَلَّهُ iiعِشْقًا
يَـا حَـبِـيـبًا لَمَّا وَفَيْتُ iiوَفَانِي
أَيْـنَ  مِـنِّي الْوِصَالُ أَينَ iiوإِنِّي
نَـالَ  مِنِي هَوَايَ و اشْتَدَّ iiكَرْبِي
كَيْفَ  يَسْلُو الْمُحِبُّ وَهْوَ iiمُحِبٌّ؟
إِنَّ حُـبِّـي لِأَحْـمَـدٍ iiوَغَرَامِي











و  نَـفْـسٍ تَـدْمَى بِغَيْرِ iiجِرَاحِ
لَـوْعَـةُ الْبَيْنِ لاحْتَمَيْتُ iiبِسَاحِي
مِـنْ  أَمَانٍ، وظلْمَةٌ مِنْ iiصَبَاحِ!
وَحَـبِيبِي مَا بَيْنَ جَنْبَيَّ iiصَاحِي!
وَخَـيَـالٌ  فِي غَدْوَتِي وَرَوَاحِي
قَـدْ  ذَرَتْـهُ الرِّيَاحُ بَيْنَ iiالرِّيَاحِ
فِـي  سَـمَاءِ الْهَوَى بِغَيْرِ iiجَنَاحِ
بِـعْـتُكَ  الرُّوحَ يَا سَنَا iiالْأَرْوَاحِ
لِـمَـتَاعِ الدُّنْيَا خَفَضْتُ جَنَاحِي!
وَهَـوَانِـي، وحَيْرَتِي، iiوجُنَاحِي
لِـحـبِـيـبٍ حَبَاهُ فَيْضَ سَمَاحِ
زَادَ شَـوْقِـي لِـطَيْبَةِ iiالْأَفْرَاحِ!

ما تَعَلَّمْنَا من رحمتكَ إلا حبَّة، لو تمسكنا بها وتعلقنا تَعَلَّقَتْ بنا القلوب، وما أضنى مهجتي وعَذَّبَنِي في كل مرةٍ إلا ذِكرُكَ داعيا إلى الله في الطائف وغلمانُها قد تجاسروا وفعلوا ما فعلوا، أراكَ بحسي وقلبي متكئا على حائط ابني ربيعةَ يسيل الدم من قدميك الشريفتين، وكلُّ منايَ لو أنِّي وقعتُ عليهما أقبلهما وألثمهما، ما غبطتُ أحدًا كما غَبَطْتُ عداسا عليها، وفي قلب القسوة وظلمة القلوب وجفاءِ ذوي الأرحام ما دَعَوْتَ عليهم إلا أن يبعث الله من أصلابهم من يوحده، وما بَعَثَتْكَ نفسكَ الزاكيةُ المُزَكِّيَةُ أن تنتقم من الظالمين بما عَرَضَهُ عليكَ الأمين أن يُطْبِقَ عليهمُ الأخشبين، صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله.

أبالحمائمِ تُحْمَى يا رسول الله وأجنادُ الشرك على قَدَم، لو جمعوا من أجنادهم ملءَ السماوات والأرضِ ما غُلِبُوا إلا بعنكبوتٍ مأمورٍ موحًى إليه، وبعد سنوات المعاداة والظلم العَتِيِّ والطغيانِ أذَلَّ الله لك الرقاب، وأحنى لك من عَلَتْ رؤوسُهم بظلمهم وتجبرهم، فما كان منك يا سيدي إلا أن نطَقْتَ بكلامك الشهِيِّ البَهِيِّ الكريمِ الرحيم: إذهبُوا فأنتم الطلقاء، ونحنُ يا سيدي أسارى نفوسنا ودنيانا، فمن لنا بمثل قولك الرحيم لهم، من لنا بإطلاق أرواحنا من أصفادها، من لنا برَفْعِ ما أناخَ علينا من إصرٍ عظيم، ليتنا كنا معاشرَ الطلقاء!

ما أسعدَ تلك الأسماع بما سَمِعَتْ، وما أندى ما تسَرَّبَ إليها من نور ذلك الصوت الشَّجِيِّ الرخيمِ الحبيب، ما سمعناه لكننا أحببناه، ونُحِبُّهُ ونُحِبُّهُ ونُحِبُّهُ كلما ذكرناه بذكر الحبيب أو بحديثٍ أو خطبةٍ نبوية نقرأها بقلوبنا فتَصِلُ أرواحَنَا بزمان البعثة والتنزيل، فكأنما تصلُها بفيض الأنوار المحمدية تأتلِقُ من أعلى المنبر النبوي بين رياض تلك الجنات!

عَـلَـمَ الصدقِ زادكَ اللهُ عِزًّا
فـعَفَوْتَ العفوَ المُرَجَّى iiكريمًا
مَـبْـلَغُ العلمِ فيكَ عفوٌ iiعظيمٌ
فـإذا مـا قَـدَرْتَ كنتَ iiعَفُوًّا
فـإذا قـلبُه يَحِنُّ إلى iiالرَّحْمَةِ
رُبَّ خَـصْـمٍ أتاكَ يَنْقِمُ iiحتى
لـو  أتـيناكَ يا حبيبَ البرايا
لَـتَـرَوَّتْ  بخَيْرِ هَدْيٍ iiوكان
رحـمةُ اللهِ في الحبيبِ iiتَجَلَّتْ
فـهَـلُـمُّـوا  إليه قبلَ فَوَاتٍ









وأتـتـكَ الملوكُ تَرْجُو iiنَجَاهَا
عـن نفوسٍ ظَمْأَى إليهِ رواها
وسَمَاحٌ رَحْبُ المَدَى ما iiتناهى
ورحـيـما  بمُذنبٍ عنكَ iiتاها
مَـسَّـتْ  شِـغَـافَهُ iiفاجتباها
عـادَ والرُّوحُ قد حَبَتْكَ iiهواها
بـنـفوسٍ قد خابَ مَن iiدَسَّاهَا
الْمُصْطَفَى البَرُّ خيرَ مَن زَكَّاهَا
فـي  هُدَاهُ المُبِينِ نُورًا iiتَرَاهَا
هـذه رَحـمـةٌ أجيبوا iiنِدَاهَا!

قد شَهِدَ الله العلي العظيم لك يا مولايَ بأنك صاحبُ الخُلُقِ العظيم، وليس بعد شهادة المولى شهادة، وما بعدها تكريم وتعظيمٌ وتبجيل، وليس لنا منها إلا أننا في سعادةٍ غامرة أن خَصَّنَا الله تعالى باتباعك ومحبتك، وشَرَّفَنَا بحُسنِ طاعتك، فإن تجلَّى علينا من أنوار أخلاقك قَبَسٌ ما وَسِعَتِ الدنيا سعادتنا بك، وفرحتنا بك، وكرامتنا بك، ونحن يا مولايَ من أمتك التي تباهي بها العالمين.

أحببناك وما رأيناك، وتعلقنا بالتراب الذي تمشي عليه وما انتشقنا منه ولا الْتَثَمْنَا، ولكن الحنينَ إليك والشوق أغرَقَنَا في عينِ جمالك، لولا القرونُ لقيلَ نحن من أهل صحبتِك، وما تعلقَّت أمةٌ بسيدٍ لها مُعَظَّمٍ تراهُ وتحيى به ومعه كتعلقنا بحضرتك، فكيف وقد مرَّت القرون تتبعها القرون وشخصك المكَرَّمُ ماثلٌ في صدورنا وحاضرٌ في مشاعرنا، نتوقُ إليه في كلِّ آنٍ ونعشَقُ طيفًا يمُرُّ علينا من طيوف زمانِه، وننتشقُ عبيرًا من عبير طيبةِ الطيبات التي تشرَّفَتْ بطيبِ أنفاسِه، واحرَّ قلبي!! واحرَّ قلبيَ إن نوبةُ الأشباحِ قد حَضَرَتْ!!

قَـمَـرٌ  لَيْسَ كَالْبُدُورِ iiأََضَاءَتْ
وَحَـبِـيـبِـي تَمَلَّكَ الْكُلَّ iiمِنّي
سَـبَـقَ الـذُلُّ مِلْأَ رُوحِي iiإِلَيْهِ
وَمُـنَـائِي كُلُّ الْمُنَى فِي iiرِضَاهُ
كَيْفَ  إِنْ لَمْ يَغْمُرْ رِضَاهُ iiحَيَاتِي
وَيْحَ  رُوحِي وَوَيْحَ قَلْبِي iiوَعَقْلِي
لَـوْ  بَكَيْتُ الدُّهُورَ دَهْرًا iiفَدَهْرًا
أَوْ سَـقَيْتُ الثَّرَى بِحَرِّ iiدُمُوعِي
فَاضَ  وَجْدِي بِكُمْ وَزَادَ iiاشْتِيَاقِي
آهِ  مِـنْ نَـفْسٍ قَدْ سُقِيتُ iiأَذَاهَا
وَلَـيَـالٍ  تَـمُـرُّ مِثْلَ iiسَحابٍ
إِنَّ  جِـسْـمِي بِغَيْرِ حبٍّ iiهَبَاءٌ
وَرِضَـاكُـمْ مُنَايَ يَا نُورَ iiقَلْبِي












بِـسَـنَـاهُ  الأَرْوَاحُ غَيرَ iiشَبِيهِ
لَـسْتُ  أَرْجُو إِلاَّ الَّذِي iiيُرْضِيهِ
لَـيْـسَ  ذُلِّـي لِـغَـيْرِهِ أُبْدِيهِ
لَـيْسَ  بَعْدَ الرِّضَى مُنًى iiأًَبْتَغِيهِ
كَيْفَ  عيْشٌ مِنْ بَعْدِهِ أَرْتَضِيهِ؟!
وَيْحَ كُلِّي كَيْفَ الرِّضَى أرْتَجِيهِ؟
مَـا كَفَانِي الزَّمَانُ وَجْدًا أُرِيهِ ii!
وَبِـهَا اهْتَزَّ كَيْفَ عَهْدِي iiأَفِيهِ؟!
وَتَـجَـلَّـى سِـرِّي وَمَا iiأُخْفيهِ
خَـدَعَـتْـنِي  بِمُمْتِعٍ فِي iiكَرِيهِ
وَزَمَـانٍ مِـنْ سُـرْعَةٍ لاَ أَعِيهِ
وَفُـؤَادِي  لَـوْلاَ الْـهَوَى iiأُلْقِيهِ
إِنْ رَضِـيـتُمْ بَلَغْتُ مَا iiأَرْتَجِيهِ

نراك بقلوبنا يا حبيبي يا رسول الله!

نراك رغم القرون تمشي بيننا، وقد تمَثَّلَتْ لنا من فرطِ البَيْنِ والشوقِ صورتكَ واضحةً نيِّرَة، رجلاً لا كالرجالِ عظيمًا ساميًا مهيبًا يهابه من لا يعرفه، وتتعلق به نفس من يعاشره، معتدلَ الطولِ سهلَ الشعر، في وجهه تدويرٌ معتدل، ولون وجهه أبيضُ فيه حُمرة، أسود العينين، طويل الأشفار، أجردُ عظيم اللحية، يمشي بهدوء ورفق ولين، بين كتفيه خاتم النبوة، واسع الصدر صادقٌ رَحْبُ المعاملة والعشرة، من سُئِلَ عن نعته أجاب: ما رأيتُ قبله ولا بعده.

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إِضْحِيَانٍ (أي كمال البدر وبهجته) وعليه حُلَّةٌ حمراء، فجَعَلْتُ أنظر إليه وإلى القمر، فلَهُوَ عندي أحسنُ من القمر!!

ولَهُوَ عندنا أبهى من ذلك وأروع، ولَهُوَ عندنا أكمل من ذلك وأجمل، وإن لهيب الشوقِ لنارٌ يصلاها الفؤاد، فلا يَسَعُهُ إلا أن يرتجفَ كلما ذكرَ الحبيبَ حُبًّا لا خوفا، ويتوقَ إلى مرآهُ عيانا، ويُرَدِّدَ مع " البوصيري " رحمه الله:

فَـلَيْتَ  مِنْ وَجْهِهِ حَظِّي iiمُقَابَلَةٌ
وَلِـي  فُـؤَادُ مُحِبٍّ لَيْسَ يُقْنِعُهُ
عُذْرًا إِلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ مِنْ كَلِمِي


وَلَـيْتَ  حَظِّيَ مِنْ كَفَّيْهِ iiتَقْبِيلُ!
غَـيْـرُ اللِّقَاءِ وَلاَ يَشْفِيهِ iiتَعْلِيلُ
إِنَّ الْـكَـرِيمَ لَدَيْهِ الْعُذْرُ iiمَقْبُولُ

إنْ تجاسرَ المتجاسرون وتطاول المتطاولون فما بلغوا من مرادهم شيئا، وأنَّى لهم ورب البرية سبحانه قد أثنى عليك من فوق سَبْعِ سماوات، وأمتُك يا حبيبي وإن جَثَمَ على صدرها شبحُ الجبرِ فرَوَّعها، أوتداعى عليها داءُ الأممِ فأفزعها، أوانقضَّ عليها أوغادُ بني قريضةَ وطمعوا فيها، فإن وعْدَ الله بنصرها لحقٌّ حقٌّ حق، وإن ما وعدتَ به لحقٌّ حقٌّ حق، وما بُشِّرَ به إخوانُكَ الهائمونَ بك لحقٌّ حقٌّ حق، والعاقبة للمتقين!

مَـن لهاذي الشُّعُوبِ غيرُ سِرَاجِ!
مـا هُـدَاهَـا إلاَّ هُـدَاهُ هَـدَاهَا
أُمَّـةَ الـمُصْطَفَى الحبيبِ iiتَعَالَوْا
كُـنْـتُمُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ iiللنَّاسِ
ولَـكُـمْ مِـن فَضْلِ العنايةِ iiرُكْنٌ
مُـذْ  دَعَـى اللهَ بَاعِثُ النُّورِ iiكُنّا
فَـهَـلُـمّـوا إلى الضِّيَاءِ iiهَلُمُّوا






مِـن  نَـبِـيِّ الهُدَى تَجَلَّى مُنِيرَا
يـومَ  جـاءَتـهُ وارْتَضَتْهُ iiنَذِيرَا
واسْمَعُوا مِنِّي ما يُذِيبُ الصُّخُورَا!
تَـدْعُـوا  اللهَ الـلطيفَ iiالخَبيرَا
شَـاءَهُ اللهُ مـانِـعًـا iiونَـصِيرَا
فـي حِـمَـاهُ أَهِـلَّـةً iiوبُـدُورا
أَذِنَ الـصُّـبْـحُ بالضِّياءِ iiبَشيرَا

عن صفوان بن قدامة رضي الله عنه قال: هاجرتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتيتُه، فقلت يا رسول الله، ناولني يدك، فنَاوَلَنِي يَدَه! فقلت يا رسول الله إني أحبك! فقال صلى الله عليه وسلم: المرءُ مع من أحب.

وفي الحديث كان رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم يتظرُ إليه لا يَطْرِف، فقال: ما بالك؟ قال بأبي وأمي! أتمتع من النظر إليك! فإذا كان يوم القيامة رَفَعَكَ الله بتفضيله، فأنزل الله عز وجل: "وَمَن يُّطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِّنَ النَّبِيئِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِين، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقا".

اللهم صل على سيدنا محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد.