من لطائف الذوقيات و المجاملات

حشاني زغيدي

كلما قرأت لذلك العملاق الأستاذ عباس السيسي الإنسان لا السيسي العرص أشعر أن الأمة بحاجة لفقه المشاعر و الأحاسيس

 يقول الأستاذ عباس : " الإسلام ذوق، والإسلام لطائف، والإسلام أحاسيس ومشاعر، هذا الدين يتعامل مع النفس البشرية، يتعامل مع القلوب والأرواح."

 الإنسان قيم و مشاعر فإذا انسلخ الإنسان من مشاعره استحال الإنسان آلة صماء فاعتبر الناس عبيدا و خدما و أدوات يتسلى بها معذرة لا تحسبن الإنسان ربوتات و دمى الكترونية في اعتقادي أن الإنسان إنسان خلق مكرم على الرغم عن عرقه و دينه و منصبه و ماله و سلطانه و جبروته و مقاماته فيظل الإنسان بحاجة إلى البساطة و التواضع و الحلم و الرفق و الزهد و الحياء .

 ليت نتعلم من سيرة الحبيب محمدا صلى الله عليه و سلم الدروس و العبر فأحببت أن أسوق لكم هذه القصة الحاملة لهذه المعاني . دخل عليه رجل غريب فاختلجت أضلاعه، واضطرب من شدة هيبته ماذا فعل النبي ؟ أعجبه ذلك ؟ رضي أن يخضع له ؟ أن ترتعد مفاصله خوفاً منه ؟ استدناه، قال اقترب مني يا فلان وربت بيده على كتفه في حنان، وفرط تواضع،

 وقال:((هون عليك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة..))

 و في نفس هذا المقام استوقفتني تلك القصة الرائعة قصة الثانية تؤكد هذه المعاني يوم أعطى أمراً لأصحابه في معركة بدر، أن يركب كل ثلاثة على راحلة، يتناوبون راحلة، وقال أنا وعلي وأبو لبابة على راحلة، فركب عليه الصلاة والسلام، ولما جاء دوره في المسير، توسل صاحباه إليه أن يبقى راكباً، فقال عليه الصلاة والسلام:

((ما أنتما بأقوى مني على السير، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر.))

 فأين نحن من هذا الأدب الجم الراقي الحامل لكل معاني الرفعة لقائد الأمة و معلمها . 

فما أحوجنا اليوم قبل الغد لاستلهام الدروس فالاستقامة على المنهج من مستلزماتها اكتساب هذه الذوقيات العالية التي تفتح المغاليق.