غياب التربية الإيمانية!
تأملتُ قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((... أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))؛ [رواه البخاري، رقم (51)]، وتساءلتُ عن سبب غياب التربية الإيمانية؛ سلوكًا وتطبيقًا، وإهمال عِلْم أعمال القلوب في مناهجنا التعليمية، ومؤسساتنا التربوية! وهي مشكلة نعاني من آثارها الخطيرة منذ زمن!
ومن يقرأ تاريخ الأمة التربويَّ، يجد أن التربية كان لها مؤسسات ومناهج رائعة، وكانت حواضر العالم الإسلامي تُولِي هذا الجانب العناية اللائقة به، وكان للعراق - ولبغداد خاصة، وكانت عاصمة الخلافة - قَصَبُ السَّبْق في هذا المجال الحيوي.
فالأئمة المربون كأمثال: الجنيد، والغزالي، والشيخ عبدالقادر الجيلي، وابن الجوزي، وغيرهم، كانوا يمارسون التربية تدريسًا وتأليفًا وتطبيقًا، أما اليوم فهذا المجال يُعاني مِن ضَعْف شديد، لا سيما بعد أن تسوَّر محرابَه مَن به حاجة إلى العلم والمعرفة، بل التربية!
وينبغي على أهل الذِّكر والفكر والفقه المسارعةُ في معالجة هذا الموضوع.
وكأن التاريخ يعيد نفسَه، فالمشكلات هي المشكلات، والتحدِّيات هي التحديات.
ومن آثاره الخطيرة ضُمُور لغة الحب بين المسلمين، وأذكر أنني سمعتُ أحد الإخوة العرب بعد صلاة العيد في المسجد النبويِّ، وهو يتضجَّر من كثرة المصلين من العجم! فقلت له: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10].
ورأيت أحدَ مَن ينتسب إلى العلم شهادةً وتأليفًا وتدريسًا وهو يشُنُّ حملة على بعض مخالفيه في التوجه الفكري، ويُقلِّل من شأنهم، ويَسُوق لهم التهم! يقول ذلك وهو في المسجد النبوي، وغَفَل عن قوله تعالى: ﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148].
فقلت له: إنَّ لله طرائق، بعدد أنفاس الخلائق.
ولا سبيل للنهوض الإيماني إلا بإحياء الربَّانية في القلوب والمجتمعات.
وسوم: العدد 664