المَسِيرةُ الرَاشِدةُ
فكر 16 ح 9
طالما سمعت صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل يقول:إنَّ تاريخ المملكة العربيَّة السعوديَّة لم يُكتب بعد كما ينبغي..والذي كُتب منه تنقصه الدقة والتوثيق المُحكم..كما أنَّ سيرة ومراحل عهد الإمام المؤسس الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه - لم تكتب بعد..والذين كتبوا بعضاً من جوانبها لم يتحروا الدقة والحيادية..بل أن بعضهم نسب كثيراً من مفاخر أعمال ومواقف الملك عبد العزيز يرحمه الله تعالى إلى أنفسهم بصفتهم كانوا مستشارين له..وأستأذن سموه لأضيف:بأن كثيراً من مفاخر إنجازات العهود السعودية من بعد المللك عبد العزيز وحتى الحاضرة لم تُكتب بعد..ولم تُقدم وَتُعرَّف للأجيال الخليجيَّة والعربيَّة والإسلاميَّة والعالميَّة..وهذا مما يعطي للجاحدين والحاقدين المتربصين بالأنموذج المُسلم الحضاريّ..الذي أرسى قواعده وأعلى صروحه الملك عبد العزيز وأبناؤه من بعده رحمهم الله تعالى وحفظ الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان رائد التجديد والتطوير والابتكار..وفي الجلسة التي عقدها فكر 16 لمؤسسة الفكر العربي في دبي يوم 11/04/2018م تحت عنوان(دور المنظمات الإقليمية والدولية في صناعة الاستقرار)أبحر الخبراء المشاركون في الجلسة في التحدث عن إصلاح النظم القائم(مجلس التعاون الخليجي) و(الجامعة العربيَّة) و (منظمة التعاون الإسلامي) وضرورة التغيير حتى نصنع الاستقرار المنشود..؟!ولم يتحفظ أحد على عبارة (الإصلاح والتغيير) إلا معالي الدكتور عبد اللطيف الزياني.وعلقت مؤيداً تحفظه على عبارة(الإصلاح والتغيير) التي توحي بتأييد حماقات المتطرفين والانقلابيين العابثين بما يسمى(الربيع العربي أو بالأصح الحريق العربي)ولم يتناول - للأسف- أحدٌ من المشاركين قيمة هذه المنظمات ودورها الإيجابي..الذي تحول بالواقع الخليجي والعربي والإسلام من الشتات والفرقة التي كانت سائدة قبل أن ترى النور وتنوّر الطريق للأمة..وبصفتي نائباً لرئيس مؤتمر العالم الإسلامي الذي أسسه الملك عبد العزيز- يرحمه الله تعالى - في مكة المكرمة عام 1926م..وأسند رئاسته لنائبه في الحجاز آنذاك (الأمير فيصل بن عبد العزيز) يرحمه الله تعالى..وجاء في ميثاقه:العمل على تحقيق التضامن العربي الذي انتهى فيما بعد إلى تكوين(الجامعة العربيَّة)وكذلك تحقيق التضامن الإسلامي الذي تولدت منه (منظمة التعاون الإسلامي)ودعا الميثاق إلى فتح الحوار مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات..الذي تتوجت مسيرته بعد ثمانية عقود من الحوار بتأسيس(مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات) وبادر كذلك الملك عبد العزيز- يرحمه الله تعالى - إلى المشاركة في تأسيس المنظمات الدولية لوقف الحروب وبعث قيم التعايش والأمن والسلام بدءً من منظمة عصبة الأمم ومروراً بالأمم المتحدة وتوقيع ميثاقها..أجل إن هذه المبادرات الراشدة المبكرة للملك عبد العزيز - يرحمه الله تعالى لجديرة بأن تقف عندها الأجيال وتتأمل الروح الخيّرة الوثّابة التي جاء بها رحمه الله تعالى على أساس من قيم الإسلام ورسالتها الإنسانية السمحة..من أجل بناء ثقافة الإخاء الإنساني وإقامة العدل والأمن والسلام العالمي للنَّاس كلِّ الناس بلا استثناء..أما التجديد والتطوير والابتكار والإبداع فهذا من أسس وأولويات النهج الحضاري السعودي..وأحسب ما تقوم به مؤسسة الفكر العربي إنما هو التزامٌ بقيم الإسلام ممثلة بالأنموذج الحضاري الراشد الذى أرسى قواعده الإمام المؤسس الملك عبد العزيز وسار عليه أبناؤه من بعده..نسأل اله تعالى السداد والرشاد لخادم الحرمين الشريفين ليستكمل المسيرة وإعلاء صروحها بالأمن والخير والسلام..والله المستعان.
وسوم: العدد 770