خواطر فؤاد البنا
في عالَم الخَلْق جعل الله الإنسان منتصبَ القامة قادراً على الوقوف على قدميه، غير أنه في عالَم الأمر أوكَل إليه أمر الاستقامة في أفكاره وأفعاله، حيث طلب منه الوقوف على قدَمي العلم والإخلاص، لكن كثيرين من بني آدم أبوا إلا أن يكونوا أمثال الحيوانات في السير على أربع أرجُل أو من الزواحف على بطونها!
***************************
لكون القرآن الكريم المعجزة العظمى لخاتم الأنبياء وسيد المرسلين، فإن من تَدبَّروا نصوصَه سيجدون فيه (سفينة نوح) التي تقيهم من الغرق في (لُجَج الغواية)، وسيجدون (ناقة صالح) التي تسقيهم (لَبَن الهداية) سائغاً للشاربين، وسيجدون (عصا موسى) التي تُفرِّق بين (الحق والباطل) ولذلك كان الفرقان أحد أسمائه، وسيجدون فيه (يَد عيسى) التي تُبرئ الأكمه والأبرص وتُحيي الموتى بإذن الله، فهو (شفاء للناس)، حيث يُبرئ الناس من أدواء الصَّمَم والعَمَى والخَرَس حتى أنهم يَسمعون صوت الله، ويرون آياته، ويقولون الحق ولو على أنفسهم ومن يُحبِّون، وبعد ذلك فإنه يُحييهم من مَوات؛ ولذلك قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم}!*
***************************
يتّضح تكريم الله لبني آدم من طريقة خلقته لهم، فقد خلقهم بأدوات تعينهم على الاستقامة، من آذان تَسمع وعقول تُفكر وأعين تُبصر، وخلق كل واحد منهم بقدمين تعينه على الوقوف، لكن بعضهم انْحَطّ وسار على أربعة أرجُل، حيث تحضر في سلوكياتهم جفاف التراب، وانحطاط الطين، ونَتَن الصلصال.
***************************
يَمُرّ السودان العزيز بمحنة كبيرة تكوي الوطن الأسمر كله، حيث يعاني الشعب من التهاب الأسعار، ولقد أحرق الدولار قلوب ملايين السودانيين الطيبين، وهناك من يريد تحويل المحنة إلى فتنة، فيا أيها الأشقاء أطفئوا بمَددكم السّخِيّ لهيب الأسعار واكْبحوا جموح الدولار، وامنعوا الفتنة قبل أن تشتعل وتُفقدكم وطناً آخر لا غنى لكم عنه، أَثْبِتوا ولو لمرة واحدة أن العرب والمسلمين إخوة كالجسد الواحد، ولكم في الغربيين أسوة حسنة فقد أمَدُّوا الاقتصاد اليوناني بحوالي مائة مليار دولار، ولو رفدتم الاقتصاد السوداني بعشرة في المائة من هذا المبلغ لكسبتم شعباً عزيزاً وأرضاً خصبة واسعة، ولوجدتم ما قدّمتم في رصيد إنسانيتكم وعروبتكم وإسلامكم !
***************************
***************************
وسوم: العدد 804