الأخطاء القاسمة للظهر
معمر حبار
منذ كان صغيرا، وهو يتابع باهتمام كبير، الأشرطة العلمية المتعلقة بالحيوانات، حين كانت تبثّ على القناة الجزائرية الوحيدة، وباللغة الفرنسية، ثم استمرت المتابعة، عبر القنوات الوطنية، والعربية، والأجنبية المختلفة.
ومن أيام الصبى، والفائدة كبيرة عظيمة، مستمرة وغير منقطعة. ومن بين الأسئلة التي بقيت دون إجابة منذ الطفولة .. لماذا الحيوانات المفترسة، كالأسود والنمور والفهود والضباع، تتسلّق ظهر فريستها، وتنقض عليه، بل تعيد الكرة مرارا ، حتّى تطمئن لاستسلام فريستها، والقضاء عليها نهائيا؟.
وخلال هذا الأسبوع، وهو يتابع كعادته شريطا عن الحيوانات، إذ بالأسد يطارد بقرا وحشيا، محاولا عزله عن القطيع، ويتسلّق ظهره، ويعيد التسلّق مرة أخرى، فقال المعلّق قائلا .. إن الأُسُودَ تتسلّق ظهر فريستها، لتنقضّ على العمود الفقري بأسنانها القوية الحادة، فتكسّر عظامه، وتشلّ حركته، فيسقط أرضا دون مقاومة، ويسهل بعدها افتراسه.
هذه الصورة، تبيّن بجلاء أن هناك أخطاءً يرتكبها المرء عبر الأيام التي يقضيها فوق هذه البسيطة، لكن يمكن تداركها وتجنبها عبر الأزمنة ، وضمن التجربة المتاحة. لكن هناك أخطاء إذا ارتكبها المرء، فهي القاسمة للظهر، لأنها تصيب العمود الفقري للفرد والمجتمع، فلايستطيع النهوض بعده، ويمسي حينها فريسة سهلة، تتقاذفه الأنياب والمخالب.
إن الظهر يحمي من لاظهر له، ويختبىء من وراءه من لاسقف له، فإذا إرتكب المرء مايقسم الظهر إلى الأبد، تحوّل إلى مطية يقفز عليها الجميع، وربما أمسى لعبة يتسلى بها من لايعرف قدره، ومكانته.
لايمكن للمرء أن يتجنب الأخطاء، فهي جزء من تكوينه، ولبنة من بناءه، لكن الخطأ القاسم للظهر، لايمكن علاجه، ولايستطيع المجتمع ترميمه، فيزول حينئذ البنيان، وتنهار أسسه.
إن الأمم القوية، تعلّم أبناءها، عرض الأخطاء على الوالدين والمربين، فيتم تصحيحها في حينها، عن طريق تعليمهم الطريقة الفاعلة في التعامل معها، والتخفيف من حدّتها، فيجنبونهم الأخطاء القاسمة للظهر، فيسلمون ويسلم المجتمع.