حين يموت الضمير
انقلبت الموازين ، أصبحت الألوان عاتمة ، كل الأشياء تحتاج لتصويب ، حتى الضمير ، كما كان يقولون ، الضمير سيد ، يقوّم ويوجّه ، يرسل شارات العتاب واللوم ، إذا حاد القطار عن جادة الطريق .
بات الوازع طريح الفراش ، ينازع الموت البطيء ، و بات الضمير في غرفة الإنعاش ، يبحث له عن طبيب حادق يرد له الأنفاس المخنوقة ، حين تصمّ الأذان عن سماع صوت صراخ المستغيث .
حين تعجز المنابر إسماع صوت المظلومين والمقهورين في باحات الأقصى ، حين تعجز آلات التصوير رصد الحقيقة بين أكداس البيوت المتهدمة على رؤوس البرايا من النساء والأطفال والعجائز في أكناف غزة المحاصرة .
يموت الضمير حين يتلذذ الجلاد ، بل يستمتع بقتل الضحية ، المؤسف أننا نلبس ثوب الإنسانية ، وهي لا تقر لنا بذلك ، في عالم يمجد النفاق ، يمجد الكذب ، في عالم يصنع الزور والتدليس.
بات الضمير عدوا مذنبا يحجب الحقائق الواضحة ، يساير الآنا والأنانية ، يتنكر لبصمات الفطرة السليمة ، يحابي الاستكبار والطغيان، يمجد الذات ، يشرع للآلة قتل الإنسانية .
حين يصحو الضمير عند الأموات ، يعقدون الاجتماعات في الصالونات المكيفة ، يصنعون من المكان صرخة وفاة لنصرة المقهورين في عالم يتحكم فيه وحيد القرن .
وسوم: العدد 1065