الخيانة في قاموس اللئام
ليس هناك شيء يهز كيان المرء ، بل يرديه جثة هامدة مثل الخيانة ، فالخيانة لفظ ترفضه قواميس اللغة ، شعور فاقد لمعنى الحياة ، هو نبض يكسر الكيان ويهدمه .
لعل من جرب خيانة اللئام يعرف مدلولها الحقيقي ، يعرف مدلولها من عاش ويلات الأيام الغادرة ، من اكتوى بلهيب محرقته ، يظل طول أيامه مفجوع بآلام آثار جرحه الغائر ، جرح لا تبريه الأيام.
فالخيانة سلوك غادر ، يصيب المقتل، حين تنزل النفس وتنحط ؛ فتبيع الغالي بالرخيص ، حين يطعن ظهر عزيز استأمن أحبابه حمايته فخانوه.
سلوا الشعوب الثائرة فقد كانت تخشى الخيانة ، ولا تخاف البندقية ، فرصاصة عندهم تقتل شخصا ، لكن الخيانة تسقط أمّة ، وتهدم حضارة ، تصنع هزيمة ؛ لذلك الشعوب المقاومة لا يخيفها غدر الأعداء ، ولا قهر العدو ، ولكنّ يقتلها خيانة الأصدقاء .
وقد تظهر الخيانة في أشكال متعددة ، قد تكون بإفشاء سر المجالس ، وقد تكون بخيانة الجسد بين الأزواج ، وقد تكون خيانة في البيع والشراء والمعاملات ، وقد ترتقي خطورتها لخيانة الدين والأوطان وكل تلك الصور مرفوضة مستهجنة .
ويرتكب هذا الفعل الشنيع حين يضعف الولاء ، ويضعف الوازع الأخلاقي ، فيقع الآدمي في شراك حبالها ، ملطخ بقذارتها ، منبوذ بين المجتمع ، معزول بين أهله وأقربائه وأحبابه ، الجميع لا يقر له بالصلة والمودة .
وقد حفظنا من دروس أمثال الحكماء هذه الأقوال العاصمة في حق من وقع في الخيانة، يقول المثل :
( مثل الذي خان وطنه وباع بلاده، مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه ) .
وفي الختام يكفي العبد هذا الوعيد من الله تعالى في حق الخائن.
يقول الله تعالى: { وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ } (يوسف: 52)
وسوم: العدد 1066