ويحَ أبي البراء
يذكر ابن كثير في تاريخه قصة مؤثرة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، "فبينما كانت رحى معركة نهاوند تدور على أرض الفرس بقيادة النعمان بن مقرن، كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه بالمدينة المنورة يدعو الله وينتظر مثل صيحة الحُبلى، حتى كتب إليه حذيفة بن اليمان بالفتحِ مع رجل من المسلمين، فلما قدم عليه قال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل فيه الشرك وأهله قال عمر: النعمان بعثك؟ قال: احتسب النعمان يا أمير المؤمنين فبكى عمر واسترجع ثم قال: ومن ويحك؟، فقال: فُلان وفُلان وفلان.... حتى عد أناسا كثيرين، ثم قال: وآخرين لا تعرفهم يا أمير المؤمنين ! فجعل عمر يبكي ويقول: وما ضرهم ألا يعرفهم عمر؟ ولكن الله يعرفهم، وقد أكرمهم بالشهادة، وما يصنعون بمعرفة عمر؟! ويحَ أمِّ عمر".
لقد كتبتُ، وكتب كثيرون عن استشهاد القائد أبي العبد إسماعيل هنية، ولكنة قلة نادرة تذكرت مرافقه الذي استشهد معه (وسيم أبو شعبان). والحقيقة أنني بعد غمرة الصدمة في استشهاد هنية، شعرت بواجب يثقل كاهلي ألا أنام ليلتي هذه حتى أعرِّف العالم بهذا الكميِّ القساميِّ، ويا ويح "أبي البراء" إن لم يسْطر صفحة عن هذا الشهيد الجميل الجليل:
المولد والنشأة
"وُلد محمد وسيم جمال خضر أبو شعبان، المكنى "أبو أنس"، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 1988 في قطاع غزة وترعرع فيه.
وهو متزوج ولديه 4 أبناء (3 أولاد وبنت)، ويصفه أصدقاؤه وأقرباؤه بأنه شجاع وذو خلق وسمت حسن، وبأنه من رواد المساجد والمحافظين على الصلوات.
الدراسة والتكوين العلمي
درس أبو شعبان المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس القطاع، وتخرج في كلية الشريعة والقانون من الجامعة الإسلامية بغزة، ونال درجة البكالوريوس فيها.
التجربة العملية
بدأ مسيرته في العمل الحركي والحكومي مرافقا للقيادي السابق في حماس ووزير الداخلية الفلسطيني السابق الشهيد سعيد صيام.
وبعد أن اغتالت إسرائيل صيام في غارة جوية استهدفته عام 2009، انتقل أبو شعبان للعمل مع إسماعيل هنية، الذي كان آنذاك رئيسا للوزراء بعد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006.
وقبل انتقاله للعمل مع هنية خارج غزة، كان ناشطا في كتائب القسام، وشغل منصب نائب قائد سرية في منطقته تل الهوى.
عمل وسيم جمال أبو شعبان في نخبة كتائب القسام إلى أن انتقل للعمل رفقة رئيس حركة خارج غزة عام 2019.
الاغتيال
استشهد وسيم جمال أبو شعبان مع إسماعيل هنية فجر الأربعاء 31 يوليو/تموز 2024 في غارة بصاروخ نفذتها إسرائيل على مقر إقامتهما في طهران. وكان أبو شعبان مرافقا لهنية في زيارة إلى إيران للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان".
رحم الله الشهيد وسيم أبو شعبان وكل المغمورين الذين لم يتحدث فم الإعلام عنهم؛ فالله يعرف مستقرهم ومستودعهم؛ وتقبلهم عنده في عليين.
واليوم، ثمة عشرة آلاف شهيد أو أكثر في غزة الجريحة النازفة وجداً، لا يعلم عن كنههم -وهم تحت الأنقاض إنسٌ ولا جانٌ- إلا رب العالمين ، الذي خلقهم فهو سيهديهم إلى جنات عرضها كعرض السماء والأرض ... في غزة ، وفي كل بقعة حمراء من بقاع المسلمين الجريحة!!
وسوم: العدد 1090