الخير في هذه الأمة
د.مصطفى يوسف اللداوي
الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم الدين،
هذه حقيقةٌ لا شك فيها، ولا اهتزاز ولا اضطراب لها، ولا تعطيل أو تجميد لمفاعيلها،
وهي أبديةٌ دائمة، سرمديةٌ باقية، وهي سائدةٌ عبر الزمن وغير متنحيةٍ مع الأيام،
فهذا قول رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إنما هو وحيٌ يوحى،
واللهُ لا يخذلُ عبده، ولا يكذب نبيه، ولا يفشل أمله، ولا يخيب رجاءه في أمته،
وهو سبحانه بارٌ به، صادقٌ معه، حافظٌ لأمته، ومتمُ وعده له،
فالخير في هذه الأمةِ باقٍ ولن يزول، وثابتٌ لا يتغير ولا يتبدل،
والباطل مهما علا وتجبر، وسطا وهيمن، فإنها إلى سقوطٍ وزوال، وإلى ضعفٍ وهوان،
فاطمئني أمتي أن الخير في جنباتك مخبوء، وبين رجالاتك موجود، وفي أرضك مرصود،
وهو في السماء مكتوب، وفي قرآننا العظيم موجود،
فلا يأس أبداً وإن ادلهمت الخطوب، ولا قنوطَ أبداً وإن عاثث في أرضنا القوارض والقرود،
فلا نهوض إلا من بعد سقوط، ولا قوة إلا من بعد ضعف، ولا بأس إلا من بعد رقةٍ ولين،
فلا يطمئن عدوٌ إلى أن الأمة قد استكانت، وأنها بجراحها انشغلت، وبدمائها غرقت، وعن مواجته انصرفت،
فهي لا تنام على الضيم، ولا تسكت على الظلم، ولا تقبل بالاستباحة، ولا ترضى بالإهانة،
نحن بخيرٍ إن أحببنا بعضنا، وأخلصنا إلى أنفسنا، وكنا رحماء فيما بيننا، أشداء على أعدائنا،
ونحن بخيرٍ إن انتصرنا لضعيفنا، ووقفنا مع مظلومنا، وأعدنا الحق المغصوب إلى صاحبه، ونزعناه من مغتصبه،
نحن بخيرٌ فلن نيأس، ونحن أهل حقٍ فلن نضل، ونحن على الله نتوكل فلن يخذلنا، وفي سبيله نعمل فلن يترنا أعمالنا، ولن يتركنا في مواجهة أعدائنا وحدنا.