وحي الصدور 35
معمر حبار
183 الحكم أمانة: قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا"،النساء - الآية 58. يفهم من الآية الكريمة، أن الأمانة غيرمحدّدة بأمر معيّن. وأن كل صاحب أمانة فهو أهلها مهما كان. وأن الأمانة ذكرت بالجمع، لأن كل مايقع تحت السمع والبصر واليد فهو أمانة. وأن الحكم بين النّاس أمانة، دون النظر إلى ألوانهم ولغاتهم وقرابتهم ودينهم. والمطلوب أن يؤدي المرء كافة الحقوق إلى أهلها، وينزعها عن نفسه وأهله وعشيرته، إن لم يكونوا أهلا لها.
184 الكتابة من الايمان: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ .."، البقرة - الآية 282. كتابة العقود من الدين والايمان. فعلى المرء أن لايستهين بها، ويتقي ربه في تفاصيل مايكتب.
185 الولد فقر: "قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"، يونس - الآية 68. إن الله غني دون الولد، معنى هذا أن الإنسان فقير بالولد، وهو يعتقد أنه غني بالولد.
186 اغتنام الفرص حتى في الردم: حين جاءت الملائكة لسيّدنا إبراهيم عليه السلام، ليعلموه أنه حُقّ العقاب على قوم اللوط، بشّروه في نفس الوقت بسيّدّنا إسحاق ويعقوب. قال تعالى: "وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ"، هود - الآية 71. وهم الذين جاؤوا للعقاب والتدمير، ولم يمنعهم ذلك من تقديم البشارة. فالمرء مطالب أن يسعى لإسعاد غيره، ولو كان في أحلك الظروف وأصعبها، فسيأتيه لامحالة من يرفع عنه همّه وكربه.
187: صدق ونبوة : وصف رب العزّ، سيّدنا اسماعيل عليه السلام بقوله: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا"،مريم - الآية 54. ووصف سيّدنا إبراهيم عليه السلام، بقوله: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"، مريم - الآية 41.
فقد سبّق الله تعالى، الصدق على الرسالة والنبوة. وأهمية الصدق وتقديمه، تكمن في أن سيّدنا إبراهيم عليه السلام من الخمسة أولي العزم، عليهم الصلاة والسلام.
إن الصادق يُنجبُ الصادق، والصدق يُخلّدُ صاحبه. ومن كان صادقا، ذُكر مع الذاكرين من الأنبياء والرسل.
188 نعمة الشبع: حين أراد الله تعالى، أن يمنن على قريش، والذين جاؤوا من بعدهم، قال: "الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ"، قريش - الآية 4. فالإطعام والشبع نعمة إلهية، والانسان وسيط، لايملك أن يدرأ الجوع عن نفسه، ولايملك لنفسه الشبع المطلق والآمن في كل حين. إذن الإطعام نعمة، تستوجب الشكر في كل الظروف، والأوقات.
189 حلال طيب : لايكفي أن يكون الرزق حلال، بل لابد أن يكون أيضا طيبا، واقرأ قوله تعالى: "وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ"، المائدة - الآية 88. ولايكفي أن يكون المغنم حلالا، بل لابد أن يكون طيبا، طبقا لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"،البقرة - الآية 168.
على المرء، أن يحرص على الطيب من الأكل والشرب، كما يحرص على الحلال، وليشكر ربه أن وفّقه لأكل الحلال الطيب، فهي من صفات عباده الصالحين، ونعمة تستوجب الشكر، ودوام النعمة، قال تعالى: "فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"،النحل - الآية 114.