نعيم لا يزول

نعيم لا يزول

مادونا عسكر/ لبنان

نعيم طفلٍ بسمة ملائكيّة، تفرّج أساريره البريئة. تنشر الأمل والرّجاء في عالمه الصّغير. نعيمه رقاد ملائكيٌّ في أحضان روح تحرسه، ترنّم له السّلام. فيغرق في ثباته العميق ويسافر إلى دنيا الأحلام. يلتقط النّجوم، يشكّلها قصراً رحباً، يتلألأ بأنوار السّماء. يمسك القمر بين يديه الصّغيرتين، ويرمي به، حتّى يعاين النّور يسافر عبر الأثير. يستلقي على جناح طير صغير، يحلّق به ليستقرّ على غيمة سحريّةٍ، يلج بها، ويتمرّغ في دفئها... لا يربكه همّ، ولا يدمي قلبه أنين. لا حدود ترسم أفقه الواسع، ولا ضجيج يخترق صمته... السّماء موطنه، واليحر مضجعه، وعالم السّحر والخيال أنشودته. 

نعيم امرأة، رجل يتنازل عن نساء العالم من أجلها، ويتلاشى عند أقدامها، ويتنسّك أسيراً لها. نعيمها، قوافل ورودٍ جوريّة يرسلها لها، وشموع مضاءة ، تشتعل من أجل حبّها. يقاتل نظرات رجالٍ تلاحقها هنا وهناك، ويحجب عينيه عن رؤية الجميلات والحسناوات. رجل يسخّر الوقت من أجلها فيمسي العمر سكناها. يحيك لها خيوط الشّمس أثواباً، يطرّزها بزهور الحقول، فتغدو ملكة الملكات، متربّعة على عرشه، تأمر وتنهي، ذاك القلب المتيّم بها.

نعيم رجلٍ، عذراء يأسرها عشقه، تكرّس ذاتها من أجل نظرة عينيه. تنصّبه سيّداً وملكاً على كيانها. تاجه قلبها، وصولجانه جسدها، قرارها فكره، وحرّيّتها طاعته. نعيمه امرأة، تشعل رغبته حدّ الجنون، فيتّقد لهيباً، حتّى تعتريه النّشوة ، فتنطفئ اللّذة...

أمّا نعيمي، فمعاينة روحك تحوم حولي، تحرس طهري، وتلامس شفافيّتي وتلج في حنايا روحي. نعيمي أن أحترق حبّاً بك، أن أرنّم اسمك فيملأ صوتي الكون بأسره. سعادتي، أن أعاينك بروحي، رغم كلّ الجبال الشامخة، والوديان العميقة الّتي تفصلنا. أن أستنشق أنفاسك العطرة، يرسلها هواء ينسّم الحبّ والعشق. ملء غبطتي، أن تلتهم نار حبّيَ دموعك المتقاطرة، يكثّفها شوقيَ المتّقد، ويمطرها طهارة على قلوب العاشقين .

نعيمي، أبديّة أحياها معك وبك، أعاين الحبّ وجهاً لوجه يشتعل بذاته، وينهار وجداً، ويحيا من الألم.  يكسر أغلال الصّمت، ويفجّر ينابع العشق والهيام.