فجر كاذب على شرفة الاقحوان
فجر كاذب على شرفة الاقحوان
إبراهيم جوهر- القدس
كنت قبل الفجر الكاذب أتمشى وأحتسي قهوتي وأدخن.
على أرضية شرفتي مشيت متفكرا سابحا في اللاشيء وفي كل شيء.
الفجر الصادق لم يحن بعد، سأنتظره وأنا أتمشى...
(فجرنا الكاذب قبل عشرين عاما خدعني في بداياته. خدعني قبل اكتشاف عوراته. وقتها قلت في حوار مع "إبراهيم ملحم" مخاطبا "شامير": إن الدولة التي قال إنها على الورق تتحقق الآن، ونحن متفائلون...! كنت أحلم وقتها، وأغوص في رومانسيتي. كان فجرا كاذبا استمر حتى اللحظة...)
فجري الكاذب هذا النهار طال قليلا قبل أن تدب الحياة في العصافير والشوارع؛
بدأ صديقي القديم" سيدي تشيع" معزوفة الصباح ، وأطال التغريد...كان من قبل يغرد على شكل طرح تحية ثم يمضي، لكنه اليوم أطال التحية.
مساء أمس نعبت بومة الحي وغادرت سريعا. نعيبها السريع أعادني إلى أيام الطفولة التي كنا نسمع مصدقين فيها أن البوم يأتيه طعامه ميسرا بسهولة من الخالق ؛ عصفور يأتي للبوم الواقف ينادي...وتخيلت العصفور وقتها مشويا!! لم أفكر كيف سيأتي العصفور المشوي، لكنني كنت متيقنا من قدومه إلى حتفه المرسوم برضى وإيمان...
واصلت مسيري المحدود حتى تعبت قدماي...
بدأ الحي يصحو والآليات التي تشق الصخر تعمل وتصدر أصواتها المزعجة؛
تعكر الهدوء، وطارت الحساسين .
في الليل سيأتي عصفور إلى حتفه المحتوم ليغذي طائرا ليليا كسولا...
ماذا سيوصي العصفور لو كان له أن يوصي؟!!
( سأوصي بزراعة وردتي اقحوان؛ واحدة باتجاه القدس، والثانية باتجاه الشمس...
وسأوصي بإبقاء شرفتي (شرفة الاقحوان) شرفة للأدب والإبداع ووطن الكلمات النقية، لتكون شرفة لقاء شهري لأدباء المدينة وأديباتها ).
سأوصي...هل تراني أوصيت فعلا؟
هو كذلك.