صرخة ألم
حسام السباعي
دخل العام الجديد ، عام 2013 ، واحتفلت عواصم العالم المتحضر بعيد رأس السنة ، وأنفقت بل أحرقت مليارات الدولارات على الألعاب النارية التي تنافس بها ذلك العالم ليظهر أفضل ماعنده، والكل يشاهد في نفس الوقت المأساة الإنسانية و المعاناة الأليمة التي يمر بها الشعب السوري الحر ، والقتل الممنهج الذي أودى بحياة ( 60,000 ) شهيد حسب إحصائيات الهيئة العامة لحقوق الإنسان الصامتة بصمت ذلك العالم ، والأعداد الحقيقية أضعاف ذلك الرقم ، كل ذلك من المتناقضات يحصل مع الأسف على مرأى ومسمع من هذا العالم المتحضر ، وكأن الذي يحصل في سوريا أفلام الأكشين التي تنتج في مدينة هوليوود السينمائية ، والتي لم تعد بحاجة بعد الثورة السورية إلى البحث عن محترفين لكتابة مادة و سيناريوهات أفلام الرعب والقتل ، لأن ماحصل في سوريا خلال عامين كفيل بأن يمد السينما الأمريكية لعقود من الزمن كل السيناريوهات الحقيقية المتنوعة لتحولها وتنتجها إلى أفلام أكشين واقعية تدر عليها المليارات و يندى منها جبين الإنسانية ، فمع كل قصة ألم فيلم وأفلام.
كلنا يشاهد هذه المأساة ، وتحترق قلوب المخلصين أصحاب الأحاسيس والضمائر ، ونقف عاجزين عن تغيير الواقع الأليم لأننا بشر لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا ، ولكن يقيننا بالله عز وجل كبير ، فهو الذي ينصر عباده المستضعفين ، وهو الذي يدافع عنهم ، وهو الذي يتولى أمرهم ، وهو الذي يطعمهم ويكسوهم ، وهو الذي يرحمهم ويواسيهم في مأساتهم.
وأما دورنا كبشر فيكمن في اتحادنا وخفض الجناح لبعضنا ، يكمن في ذوبان الأنا ونكران الذات ، يكمن في الإخلاص المطلق ، يكمن في الحب وإيجاد الأعذار لبعضنا ، يكمن في تضحيتنا ودعائنا في جوف الليل ، يكمن في احترامنا لكبيرنا والعطف على صغيرنا ، يكمن في ترك الجدل والمراء الذي لايؤدي إلا إلى الضغينة وفساد القلوب ، يكمن في التراجع وتقديم الإعتذار والذلة لبعضنا ، يكمن في الصمت عند الغضب ، يكمن في وقفة حق مع الذات ليقول لها ويسألها ويحاسبها أين تسيرين أيتها النفس ، يكمن في تجديد النية بشكل متواصل. كل ذلك نستطيع فعله كبشر ولاتستطيع قوى الأرض مجتمعة أن تمنعنا من القيام به.
صبرا أيها الشعب السوري العظيم ، صبرا أيتها الأمهات الثكالى ، صبرا أيها الأطفال اليتامى ، صبرا صبرا صبرا ، فإن النصر قادم لامحالة ، فمع الألم الأمل ، فهذه هي سنة الكون وهذه هي السنن الربانية ، صراع دائم بين الحق والباطل ، ومهما كان للباطل جولات فإن الحق هو الذي ينتصر ، ستشرق شمس الحق ، وستعلو شمس الحرية ساطعة في عنان السماء ، لتقول للبشرية جمعاء لن يستطيع أحد أن يخمد ضوئي وأن يخمد ناري ، فشمسي هي الحق وضوئي هو المستمر الدائم مهما أطلقتم في سمائكم من ألعاب نارية مزيفة وبهرتم وخدعتم عيون البشر البسطاء ،
سيدرك الناس قريبا أن الزيف لايستمر وأن الحق هو الذي يعلو في النهاية:
" .... فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض .... "
اللهم نصرك الذي وعدت ، ندعوك أن ترحمنا بأطفالنا الرضع و شيوخنا الركع وبهائمنا الرتع ، يا أرحم الراحمين .