وطن البكاء
إبراهيم جوهر - القدس
لماذا نحنّ إلى أيامنا البعيدة بما فيها من شقاء وجوع وشظف؟ وهل حقيقة أننا نحنّ إليها ؟ أم ترانا نلجأ إلى نقائها البعيد هربا من واقع لئيم؟
في حديث سريع مساء أمس مع الروائي النشط (أحمد رفيق عوض) قال: نحن كلما كبرنا سنّا نتوق لتلك الأيام لدرجة البكاء.
هو هذا إذا؛ البكاء...رغم القسوة المؤقتة إلا أنها تبقى ببراءتها وأملها وحيويتها أفضل من الواقع الأكثر قسوة.
هل هو هروب إلى الماضي؟!
المهم أن نسأل: لماذا نحنّ؟ لماذا نهرب؟ لعل في الإجابة تشخيصا وتخطيطا.
برمجنا اليوم أنا والكاتب (جميل السلحوت) لزيارة القادم من الغربة الباردة إلى وطن الدفء المنتظر.
الرجل العجوز ابن الثامنة والسبعين الذي يزور (رام الله) سنلتقيه اليوم قبل الظهر؛
(نازك ضمرة) المغترب في بلاد الأعداء الذين منعوا صدور مجرد (بيان إدانة) لسياسة الاستيطان ، اليوم في مسقط رأسه. هو الذي تبرع ببيته في قرية (بيت سيرا) ليكون مركزا ثقافيا أراد أن تشرف عليه وزارة الثقافة.
فكرة التبرع، والمركز الثقافي لرجل يعشق الكلمة تستحق التأمل والثناء.
(لماذا كان علينا أن نعاني كل هذه المعاناة، وأن نغترب كل هذا الاغتراب ، وأن نبكي كل هذا البكاء؟؟؟؟)
وهو على مشارف (الحياة) يستذكر الماضي الذي ما زال حاضرا . نشط مؤخرا في التوثيق والنشر، فوثّق الذاكرة والمكان والزمان والإنسان.
الكتابة وطن. الحرف يبني وطن الجمال الخالد.
زرنا وزارة الثقافة والتقينا الشاعر الصادق (عبد السلام العطاري) . دار الحديث حول الأدب والنقد والنقاد والثقافة والأحلام المصادرة.
أحلام صودرت...ونقاد يمتهنون (المجاملة) و (الكذب) لغاية في نفس (ناقد).
(كان صديقي أبو جعفر يسخر من بعضهم بقوله: إنه ناقم كبير...)
صباح اليوم أدركت من جديد حسن تصرفي حين قررت الإبقاء على هوائي التلفاز متعامدا مع سطح منزلي؛ لم أحرم الطيور من وطنها فمنحتني جمال صوتها، وشكرها...
(كثير من الحجارة التي نرفضها في البداية نحتاجها في النهاية، وربما أصبحت "حجر الزاوية")