لماذا تعبت اليوم ؟

إبراهيم جوهر - القدس

ما الذي أتعبني وأرهقني فدفعني إلى الخمول رغم الفجر الذهبي ؟

صباح الشمس المبشرة بحرارة مرتفعة حلّ وأنا أمارس طقسي اليومي في التأمل والتجول على مدى الأفق المرئي ؛ جبال شامخة في الشرق يكسوها لون الصباح والندى ، وانعكاس الذهب الآسر يظهر بجمال في منتصف المساحة المتاحة لنظري من قلب البحر الميت .

صباح كل ما فيه يدعو للتفاؤل والنشاط .

أحتسي قهوتي على مهل بتلذذ غريب ؛ سيكون للحياة معنى ، وسيكون لها جمال وفرح .

القهوة ، والصباح ، والحلوى ، وبدايات اكتشاف النهار جميعها تشعر بالنشاط والأمل .

عند الثامنة والنصف صباحا أوصل (آية) وزميلتها (فداء) إلى جامعة بيت لحم . جندي المراقبة عند الحاجز يعيق حافلة سياحية تصادف وجودها أمامي ؛ استلم بطاقة هوية السائق وغاب ، فطال الانتظار ....حتى أفرج عنها أخيرا ، فتبعته في المسير .

أعود بعد دقائق قليلة إلى الحاجز نفسه المسمى معبرا فأبرز بطاقتي لجندي آخر ، وأترك المقود لأفتح الصندوق الخلفي ؛ يلقي نظرة كسولة بلا مبالاة ويشير لي بالسير ...فأسير ومشاعر لا أجيد وصفها تنتابني أقلها الإهانة وهدر الوقت ، ورسالة أفهمها جيدا مفادها : " نحن أصحاب القرار" .

فهمت .

سأملأ الخزان بالوقود ، وسأطلب من الصراف الآلي مبلغا ، وسأشتري دجاجا ، وسجائر ، وصحيفة الصباح .

لم يعد للدجاج نكهته ، الدجاج "المسكين" يغيظني بقدر ما يحزنني !

يستسلم لمصيره المحتوم بلا مبالاة ! ينتظر سكين الجزار وكأنها لا تعنيه وكأنها لن تحزّ رقبته بعد ثوان ! حتى لو فتحت باب القفص البلاستيكي فلن يهرب !

غبي هذا الدجاج ، لكنه رائج ومطلوب !

أهو زمن الغباء واللامبالاة ؟!!

أعود متعبا فأغفو قليلا . أنوم في الضحى ؟! أنا غفوت هذا الضحى ، نعم غفوت ...

( كانوا يشيرون في الأمثال إلى ابنة الرفاهية والعزّ بقولهم :" نؤوم الضحى " ، تلك التي تظل نائمة حتى الضحى ، وفي هذا كسل ولا مبالاة في عرف عشاق العمل الباكر ).

لماذا شعرت بالتعب هذا اليوم ؟ حقا لماذا ؟

لا مبالاة ، بلادة ، كسل ...الطريق هذا اليوم والدجاج والحاجز نقل عدواه إليّ .