مطر الأسئلة وجواز السفر
مطر الأسئلة وجواز السفر
إبراهيم جوهر - القدس
سبقت الفجر بساعة ونصف ! أفقت قبله وجلست أنتظره وأنتظر الشفق والشمس وتفتّح النهار وأكمام الزهر .
الماء يغسل ويطرد ؛ يغسل الكسل ويطرد الوساوس . الماء ينشط الدورة الدموية ( وجعلنا من الماء كل شيء حي) أشرب ماء وأنتظر ميعاد القهوة .
اليوم ينتهي (معرض فلسطين الدولي الثامن للكتاب ؛ بالقراءة نرتقي) شعار المعرض جميل ، معبّر ، موجز ، بليغ .
بالقراءة نرتقي ، والمعرض الدولي نشاط ثقلفي محمود مع ما رافقه من أنشطة وفعاليات .
لكن أسعار الكتب غالية الثمن ، لا يقدر على الاقتراب منها إلا كل ذي (جرأة) وجنون وعشق .
ماذا لو خصصت نسبة دعم ما لتشجيع الاقتناء ؟ أسأل بحيرة وحضور فكرة !
ماذا لو كان الكتاب مدعوما كما الرغيف ؟!
ماذا لو كانت القراءة عادة يومية مثل (الرغي) !والشتم ! والانتقاد !
ماذا سيكون في المعرض القادم ؟ ماذا سيكون في المعارض (الصغيرة) المحلية طول العام ؟
اليوم تكمل (سما) عامها الثاني .
اليوم سأزور (مدرسة الموهوبين) التي تستقبل طلبتها من مدارس منطقة القدس . في القدس موهوبون ، وفي القدس هموم .
ابنوا شيئا من لا شيء ! اللاشيء النسبي ، العبوا بالأحرف لتصير كلمات ثم جملا ثم قصة ؛ هذا ما مررته للمجموعة الفتيّة الأولى بعد العصف الذهني بالأسئلة ؛ اسألوا فالأسئلة مفاتيح المعرفة .
في المجموعة الطفلية الثانية كتبنا بطاقات معايدة صغيرة وبريئة ، وعبّرنا عن المشاعر تجاه (الشمس ، والقدس ، والمدرسة ، والعيد ، والليل والقمر ) . أحب الأطفال اللعبة واستجابوا بحماس بيّن ، ثم ارتقينا سلّم التفكير والتعبير ؛
اقترحوا نهاية مغايرة لقصة (ليلى الحمراء) ، غيّروا النهاية ، اقلبوها ، ابنوها كما تتخيلون وترغبون .
(بيان أبوقطيش) المديرة الشابة لمركز الموهوبين وقفت على جزء من (الخراب) الذي ألمحت إليه حين اتصلت بي طالبة مني الانضمام إلى طاقم المرشدين . قلت لها وقتها : المشكلة تكمن في غياب الضمير ! لم تفهمني حينها ، لكنها الآن أدركت ما رميت إليه .
غياب الضمير أسّ البلاء ، والخراب ، والتضييع .
أطلعني زميلي المثقف (علاء أبو ريا) على ما جاء في صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية من رصد لطالبي الجنسية من أهالي شرق القدس !
3374 مواطنا حصلوا على الجنسية ؛ غيّروا جواز السفر! بين العامين ( 2004 – 2010 م.)
الخراب يعمّ ، وأحتار إلى من أوجّه الأسئلة !
رذاذ نزل عصر اليوم مخلوط بالغبار والأتربة .
الماء يحيي الأرض والإنسان ، والأسئلة تريح حينا ، وتتعب أحيانا .
حفيدتي (سما) اليوم تنهي عامها الثاني . ماذا سترى في العام القادم ؟ ماذا ستعرف ؟ ماذا ستتمنى ؟
( أرسل صديقي فريد قواس ذات عام برقية إلى زوجته الروسية ، كتب فيها : لا تبدّلي جواز السفر ) .