أنا ولغتي وجارتي
إبراهيم جوهر - القدس
(فسادولوجي) خطر المصطلح مثل برق خاطف لا يتلوه رعد مسموع ولا غيث محسوس .
فسادولوجي ؛ علم الفساد . الفساد علم ذو أشكال وتنويعات ووسائل . فليكن المساق الأكاديمي مطروحا ضمن المساقات الإجبارية في كليات جامعاتنا .
(كفتريولوجي) ؛ كنا نتندر أيام الطلب الجامعي على الطلبة الماكثين أوقاتا طويلة في كافتيريا الجامعة .
الآن أشعر أنني جادّ في اقتراحي بإقرار المساق المقترح .
يوم السلام العالمي هذا اليوم . تبا لمثل هذا السلام ! أي سلام هذا السائد في العالم وخارطته تنزّ دماء ، وحقدا ، وعنصرية من زواياها كلها ؟!
أبحث عن سلام ذاتي . سلام أعيش فيه ومعه بهدوء فلا أجده ! يهرب السلام والهدوء والجمال . تهرب اللحظات الجميلة في حمى تلاحق موجات القبح ، والعنف ، والقتل .
هل كنت غامضا يوما ما ؟
هل لبست كلماتي لبوس الرمز والغموض ؟
أحيانا قصدت الرمز . أحيانا قصدت السخرية . أحيانا قصدت المقارنة ، وأبقيت الباب مواربا للاحتمالات جميعها .
لمن نكتب ؟ سؤال قديم متجدد دائم الحضور . اليوم قال لي صديقي المثقف العنيد: يجب أن تكتب ليقرأ الجميع ، لذا فلتكن لغتك سهلة .
صديقي (أبو نزار) متابع متوار ليومياتي . مثله عديدون ممن لا يرغبون بترك أثر لمرورهم .
لغتي بحجم وجعي .
لغتي وطني المسيّج بالألم والقسوة . لغتي واقعي .
(هل يقرأ العامة ما أكتب ؟ هل يشعرون بقيمة الحرف وهو يتشكّل نبضا ؟ أسأل بعض طلبتي : هل تتابعون ما أكتب ؟ في الجواب مبرّر لقول (أبي نزار) حقا ، فربما كانت اللغة بعيدة عن فهم المقروء . ربما كانت المسألة المطروحة بعيدة عن الوعي . ربما ... وهنا تكمن المشكلة التي بت أشعر مدى وجودها في فهم المقروء ....
المسألة تتطلب موقفا ، وحلولا ، واهتماما حقيقيا .
على شباكي تهدل الحمامة البرية منادية رفيقها الخائف ؛ تطمئنه ؛ لا تخف ! الرجل مسالم !
لا نربّي الحمام كما قال درويش ؛ الحمام يربينا ! الحمام يعلّمنا .
ستغادر الشباك حين يفقس الفرخان ويشتد عودهما ، وستبقيني وحيدا مع داليتي ، والأوراق المتساقطة ، واللغة ، والأحلام .
الحمام لا يعرف الفساد . الحمام لا يطلب تعليم الفساد وشروره في مساق جامعي . الحمام يرثي حالنا ، ويمط لسانه ساخرا ....نحن نستحق الرثاء .