الميول إلى الهدوء والتعبير السلس

هوامش على كلام الأبراج (3)

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

سيكون لك اليوم شأن أيها الأسد؛ فقد استفززت اللغة الحرون القابعة في رؤوس الأحاديث، لتغدو أجرأ من ذي قبل، وإن طالبتني بما هو ليس فيّ، فليس لك إلا أن تقول وتشطح، وما لي إلا أن أقرأك فأراك كما أحب أن أراك أو كما أرى نفسي، بعيدا عن نصائحك الكسيرة.

تطالبني بأن "لا تعبّر عن آرائك بطريقة منفِّرة" ومتى كانت طريقة الحديث عن المشاعر وجميل الأحاسيس منفرة، أفكر بهدوء قبل أن أصوغ حروفي عقودا من ياسمين، لأهديها إلى تلك التي سكنت في وعيي وشاركتني أحلامي، لتكون فعلا شعريا مناسبا مجبولا بأنساغ الروح التي تعتمل في الجروح وتتعمد في اللهيب.

لقد تعودت على "التفكير بهدوء قبل أن أقدم على أي تصرف". و"أتجنّب الميول إلى الهدم والتحدّي الشرس" لأنني أراها ألطف من نسمة صباح هبت تداعب ما استكن في خاطري من رحيق الزهور المائجة على تولهات الأمل.

لقد طالبتني "بالابتعاد عن بعض الأعداء المتخفّين"، فكيف لي أن أعرفهم؟ فقد أضحوا مجانين يسافرون في ذرات الهباء، يقنصون الفرح الموعود ليحولوه ألما عديم الرجاء، سبق لي أن عانيت منهم أعداء في أثواب صداقة زائفة، يعطونك من طرف اللسان حلاوة، ويروغون منك كما تروغ الثعالب، ماكرون وماجنون، متمردون على القانون الإنساني العام، يتسكعون في جنبات الحديث ليشبعوا أحقادا مدفونا رأسُها في رمال المصائب.

شكرا لك أيها الأسد، وقد قدمت ما قدمتَ، راجيا أن تراني أجمل، فما أنا إلا طيف تحدّر من غيمة مسكونة بالحب، ترجو أن تجد الأرض التي تستحقها لينبت يانع الورد معطرا يغني على أنغام الحظ السعيد شاديا: "أنا لحبيبي وحبيبي إلي"، على ما تقول السيدة فيروز كل ذات صباح يوعد بالفرح، فلا عدمناه أملا متجددا يهب للروح مناها.