من يطفئ نار الجهل ؟!

إبراهيم جوهر - القدس

لفتت انتباهي أسماء السّور القرآنية فانتبهت لورود الكلمة في السياق القرآني التي أخذت السورة منها اسمها .

اليوم وصلت في قراءة القرآن الكريم إلى ( سورة الحجرات ) ؛ حجرات الرسول الكريم التي نادى الأعراب من ورائها بجلف وغلظة : يا محمد اخرج إلينا !!

الأعراب فيهم غلظة , يحملون ثقافة الصحراء وخشونتها لكن فيهم مروءة ، ووفاء ، ويحفظون العهد ويراعون القيم التي تنظّم حياتهم .

الأعراب ( أشد كفرا ونفاقا ...) . الأعراب قال عنهم اليوم والد صديقي ( محمد خليل عليان ) إنهم يحفظون العهد ويوفون به ، وإنهم يتحلّون بالشهامة ...

نحن في بلادنا ، وفي بلدتي ، خليط من ثقافة الأعراب التي اختلطت بثقافة المدينة التي بدورها اختلطت بثقافة الوافد الغربي وهو يحمل قيمه الخاصة ... بتنا نمشي مشية الغراب الذي حاول أن يقلّد الحجل السريع الرشيق ، فخاب وفشل . وحين أراد العودة لمشيته الأصلية وجد نفسه وقد نسيها ...فصار يمشي المشية التي نراها حتى اليوم !

أعود بذاكرتي القريبة والبعيدة إلى أعداد الخريجين الجامعيين الذين تضخّهم الجامعات المحلية والعربية والعالمية باحثا عن تأثير وتغيير في البناء الثقافي الاجتماعي فيخيب مسعاي !

ما زالت العقلية القبلية متحكّمة !

ما زال فهمنا لمعاني ( سورة الحجرات ) منقوصا ...

كثيرون يتباهون ب (ختم) القرآن أكثر من مرة ! هل تدبّروا معانيه ؟ هل وقفوا عند رسائله ؟ ماذا غيّر فينا القرآن ؟ والانتماء ؟ والثقافة ؟!!!

( يوم أمس نشر صديقي الشاعر الدكتور ( وائل أبو عرفه ) صورة لحديقة ( مركز إسعاف النشاشيبي الثقافي ) وهي تحتضن مقاعد فارغة من الجالسين عليها ، وعنونها باسم ( ندوة ثقافية في مركز إسعاف ) !!)

( الطلاق العاطفي ) مصطلح أسعفتني به هذا المساء ( أم إياس ) ونحن نستمع لحال عدد من الأزواج في سنيّهم المتقدمة .

الطلاق العاطفي بين الأزواج .

الطلاق العاطفي بين الناس .

الطلاق العاطفي بين البلاد وأهلها .

الطلاق العاطفي

 بين الواحد فينا وذاته ! ( ...حتى بات الواحد فينا يحمل في الداخل ضدّه ...)

رسمت ( سورة الحجرات ) لنا نهجا قويما لو اتبعناه لما ضعنا وأضعنا ...

حرارة الليلة مرتفعة . سيتواصل ارتفاع درجات الحرارة في الأيام الأخيرة من آب ورمضان . الحرارة ، وضغط الحواجز ، وقلّة الوعي ، وغربة الثقافة ، وعدم فهم المقروء ، وتضخم الأنا ...عوامل هدم في بنائنا الثقافي العام ...

ظهرا توجهت إلى مشفى المقاصد الخيرية على جبل الطور وفي ذهني سؤال قلت سأسأله لصديقي ( أبي فادي ) : كيف يتمكن المعتدي من الدخول إلى غرف المشفى ثم يغادر بسهولة ؟! ما دور الحرس ؟ وهذه ليست المرة الوحيدة في سجل المشفى ....

لم أسأل سؤالي الحائر لأن (أبا فادي ) خرج من المشفى قبل وصولي ...

السؤال ما زال قائما .

سورة الحجرات ما زالت تنتظر قراءة جديدة .

المقاعد الفارغة في حديقة (مركز إسعاف ) وغيرها ما زالت تنتظر .

من يطفئ نار الجهل والبغضاء ؟!