لغة ذاكرة آب
إبراهيم جوهر - القدس
آب اللهّاب ابتدأ اليوم وترك وراءه تموز وكوزه بمائه المغلي .
رمضان حقيقيّ برمضائه ، وحرّه ، وعطشه ، وتعبه إذا . حرارة لافحة وصوم ناشف وريق غير بليل .
ما أجمل التحدي ! ما أجمل الصبر !
(اصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله ) ؛ صار الصبر (عندنا) صبرا على الظلم ، وعلى عنجهية الأمريكي الذي (يفتي) ويرسم ، ويقسّم البلاد وكأنها ورثة أبيه!!
(لماذا تستهين بنا الأمم ؟ لماذا نضيع في الصبر ؟ لماذا تضيع الكلمات في الرد ؟! )
ل ( آب ) هذا ذاكرة عامرة بالدخان ، والغبار ، والحريق ، والحرارة ، والصبر ، والشوك .
( لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا )
سيكون لنا فضائية مباشرة (فلسطين مباشر) ؛ هل سيسمح لمصوّري الفضائية المباشرة بالدخول إلى القدس ، والأقصى ، والهواء المقدسي ؟ هل ستنقل الأنفاق ، والبوابات ، والداخلين إلى ساحاتنا المقدسة باستفزاز وقح ؟
( آب ) شهر الخروج ... هل من عاد يذكر ؟! خرجت الروح من بقايا الحلم إلى أرض الشتات الباردة فكانت الحلول الباردة ...
هي ذاكرة الكلمات والمواقف التي تنهمر هذا النهار ، والليل .
أخذني الحديث حول لغتنا العربية وخصائصها النفسية ؛ قلت : في لغتنا يكون الفعل الماضي أحيانا بمعنى المستقبل المؤكد وقوع الفعل فيه .
لغة الغبار تختلف عن لغة الصبر ، وهما تختلفان عن لغة القلب والروح ....
تأخذني اللغة بعيدا عن دقائق النهار والليل الذاتي فتضعني في الذات الجمعية بلغتها ، وقهرها ، وغضبها .
ها أنا أبدأ ( آب ) بلهيب الذاكرة ، وغضب اللغة . ها أنا أعود إلى حزني في هذا الليل الساجي بحرارته المرتفعة ؛ تلك المضطرمة في الجو ، وفي الصدر .