نبتة اللوف

محمد عميرة – القدس

[email protected]

 بعد طول غياب عن بيتي المهجور - وهو يقع على حافّة قريتنا الجنوبيّة المُشرفة على بيت لحم جنوباً – وعن شُجيْراتي وبئري ، ذهبت في زيارة المشتاق إلى تلك الأرض التي غبت عنها ما يزيد على الشّهرين وهي تبعدُ عن بيتنا الرئيسيّ ثلاث كيلومترات ... ذهبت بصحبة صغيري مشياً وقد كنت في الطريق - بعدما ابتعدنا قليلا عن ضوضاء النّاس - أُلاهيه بمداعبة كوز من الصّنوبر الناشف بالأقدام ككرة ؛ لأنسيهِ تعب المشي الممتع .

 وصلنا إلى الأرض ، وعانقناها ، وبدا عليها بعض اللوم ويحقّ لها ذلك ... قصصت الفروع الزائدة من الأشجار ، ونسمي ذلك (تقنيب الشجر ) ،وتفقّدت البئر ، فإذا هي ملآى بفضل الله ... فقد كانت الأمطار مباركة هذا العام. ملأت وعائي منه ؛ للشُرب ، ولعمل الشّاي لأنه يكون من ماء البئر في الصفاء كما السّماء بلا ضباب.

 أثناء نكشي على شجيرة لوز صغيرة تحتفل بوريقاتها الخضراء الطريّة لفتت انتباهي بقربها نبتة صغيرة ذات ورقة ملساء بشكل القلب ، فنسلتها من الأرض ، وإذا بآخرها جذر مستدير صغير بقطر الخاتم . مسحت عنه التراب بلطف ، وقشّرت جزءاً منه ، فإذا هو ناصع البياض . تذوقت منه مدفوعا بحب الاستطلاع والمعرفة ، وما كدت أفعل ذلك حتى شعرت بحرقة ووخز ٍ كالإبر الناعمة الدّقيقة، فتمضمضت بالماء ، فزاد الألم ... كان ذلك ظُهْرَ يومٍ مُشمسٍ ، وبقي أثر تلك العشبة أياما ً ... أجريت تحرياتي عن تلك النبتة بعد أن أخذتها معي للبيت ، وبحثت عنها في كتاب عندي عن الأعشاب، فلم أجد لها صورة أو اسماً حتى سألت بعض الأصدقاء عنها فعرفوها ، وقالوا : أن بعض الناس يبحث عنها ويشتريها . تأكدت عن النبتة من صديق آخر هو الإنترنت ،

فإذا هي نبتة : ) اللوف ( ويكاد فعلها يكون كالكلاشنكوف . بعد هذا الحدث البسيط تأملت ، فسبحتُ ربي متعجبا ، ومتأملا ، ومتسائلا : أوتفعل هذه النبتة الصغيرة الناعمة الملساء هذا الفعل ؟ وهل من الناس من يشبهها ؟

 هذه النبتة يُعمل منها حساءً من ورقها ، وليس من جذرها ، وذلك بعد غليه وتخليصه من المادّة الحارقة والسامة ثم فرم الورق وعصره ، ويضاف على الطماطم أو البيض ولها منافع.

 اعتبرت هذه النبتة صديقتي لأنه أحيانا يكون من السّم علاج ... لكن طريقة التعرّف عليها كانت شائكة ...