تأمـّلات فوق جسر التنهـّدات
تأمـّلات فوق جسر التنهـّدات
محمد عميرة – القدس
مع إطلالة أزهار اللوز باستحياء في ربيع قريتنا وهي تستأذن بالدخول داعبني فرح جميل ... فكأن الربيع يوسف إخوته ... بدأت الأرض بعرض زيـّـها الأخضر الجميل ذي النقوش الملونة ... بدت ترفـُـلُ وكأنها تباهي الكواكب بجمالها ودورانها في هذا الربيع الذي يحتضن أولمبياد العاشقين ، وأزهار البنفسج ، وروائح النرجس والياسمين مثيرةً أقلام المرهفين والكاتبين وآمال المبعدين المشتاقين ولوعة وحنين المعتقلين ...
هذا الربيع دوما يذكـّرني بالجنة ويشوّقني إليها ... ربيع أخضر ... عبق الأزهار ... سماءٌ زرقاء ... وخرير مياهٍ وجريان أنهار ... كلّ ذلك تحت إشراف دفء شمس ٍ بيضاء ...
وكل تلك الأشياء الجميلة ستبدو أجمل وأبهج بكثير حينما نتجاوز جسر التنهدات ، وندخل في سجن التأمـّلات ذي القضبان النـّحاسيـّة حيث الخيالُ تـَبـَـلـْـوَرَ واقعا ...
حينها أذهب لرحلتي باشتياق ؛ لأنـّني كثيرا ما أرفض الرحلات مع الرّفاق ... حينها أذهب لرحلتي الأولى رحلة ٌ فيها كأني طيرٌ في السديم يغني ... رحلة أتجاوز فيها ما مضى ... لمـّـا اغتالوا بسمة طفولتنا ... رحلة أتجاوز فيها حتى ما هو آت ... رحلة لا أختفي فيها عنكم وعني ... رحلة اقتربُ فيها منكم ومني ... ولمـّا يكون ذلك لا أعرف كيف سيكون في الكتابة فني ...
داعبت فكري وظنـّي هذه الخاطرة وأنا أسير فوق جسر الحياة متذكرا جسر التنهدات في إيطاليا ، ومتسائلا: هل هو فقط في إيطاليا ؟ وهل نكون مع المـُـكـَـبـّـرين حينما تغرق المدينة ؟