مختلجات روحانية

طه أبو حسين

بالأمس كانت وحدتي قاتمة ،،، رمادية اللون ،،، مدوّية الصمت ،،، أنشغل باللاشيء ،،، ويثقل كاهلي بلا حمل ولا عمل ،،، أضيع بمتاهات اللامكان ،،، وتستدرجني هواجس إلى حيث لا أدري ،،،

أنظر إلى نفسي ... مقعد على كرسي لكني بكامل قواي ،،، مبصر لكني أعمى عن كل ما حولي ،،، ميت لكني ما زلت أتنفس وقلبي ينبض بالدم في العروق،،، 

بتّ أنا والوحدة المتمثلة بالصمت قرينان ،،، بعيدان عن كل شيء ،،، بعيد عن أمي ... أبي ... أخي ... أختي ... صديقي ... وكل من حولي ،،، حتى أني بعيد عمّا يشغلني ،،، بعيد عن كتبي ،،، قلمي ،،، تلفازي ،،، حاسوبي ،،، وكلّ كلّ شيء ،،، 

إلى أن وصل الأمر بأني بعيد عن نفسي ... نعم بتّ بعيدا عن نفسي ،،، أجهل ماذا أفعل ،،، والى أين أسير ،،، أجهل ما أنا عليه ،،، وكيف أخرج من هذه الترسانة الموحشة ،،، 

لا شيء أمامي سوى السواد القاتم ،،، اليأس ،،، أنا لست محظوظ ،،، الدنيا مصالح ،،، لن أحقق حلمي ،،، لن أصل هدفي ،،، الدنيا إلى الهاوية ،،،، لعل جميع النوافذ قد غلّقت أمام ناظري من ذاك السواد الذي جلّل على عيوني ،،،، 

وبصدفة القدر ،،، التقيت بمن ضاق عليه الزمن ،،، واشتدت عليه الكرب ،،، وبات بفقدان لكلّ منافذ الأمل ،،، لا يرى سوى بريق الموت يصدع بين قدميه ويلوح برايته عاليا تحت سابع أرض ،،،، الموت الموت ،،،

حينما طرح عليّ قصة كربته ،،، شعرت أني بلا أحمال ولا أثقال ولا هموم ولا حتى أي ضيق ،، شعرت أني أكثر إنسان يعيش برفاهية هذا الزمان ،،، وأدركت ما كان عليّ إدراكه منذ زمن بعيد بأني بعيد بعيد ،،،، نعم بعيد عن مدبّر الحال ومسيّر الأمور ،،، بعيد عن باعث القوة في الوجدان ،،، بعيد عن رب السماء ،،،، 

نعم لقد عرفت السبب ... بعد جرس قرع باب أذني ، وما زال يقرعه حتى الآن ،،، بعدي عن خالقي ،،، 

نعم انه الله الذي كلما ابتعدت عنه ابتعدت عن نفسي أكثر وأكثر ،،، وكلما ابتعدت عن نفسي ابتعدت عن كلّ من حولي ،،، وكلما ابتعدت عن من حولي ،،، ابتعدت عن كلّ كلّ شيء ،،،،

دائما وأبدا ابحث عن نفسك ^_^