وشوشات في آذان العاملين

محمد خالد

العامل للحق يبحث عمن يصلح للعمل فيقدمه على نفسه، والعامل لنفسه يشغب على كل عامل، ويظن أن الحق لا يقوم إلا به، فتقع الخصومة، وترتفع الرحمة، ويحصل التنازع (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ..

حب الرئاسة والتزعم توهماً لاستحقاقها آفة خطيرة في كل عمل، وقد قال المربون: آخر شهوة تخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة، لذا فإن الانضباط لمصلحة عليا شيء يحتاج إلى مجاهدة عميقة.

عندما استبدل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد بأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم جميعا، لم يتغير في وجه أبي عبيدة ولا قلبه شيء وقال: والله لو ولىَّ عليَّ عمرُ امرأة لسمعت وأطعت.

ومما ينبغي للعاملين الصادقين تأمله طويلاً قصة قائد جيش مغوار، قل حوله الرجال فاستدعى من بقي وقال لهم: لم يبق من رؤوساء الجند إلا القليل ولا بد أن يتقدم من بقي عوضَ من مضى، وأريد من كل واحد منكم أن يذكر ما يطيقه من العمل! فصار كل منهم يقول: أنا أصلح أن أكون رئيس مائة! والآخر قال: أنا أقود ألفاً! إلا رجلاً واحدا قال: أنا أدير اصطبل الخيول! وأعلفها وأرفع روثها! فقال القائد: لله درُّك ... أنت أنت الرجل! فما قيمة جيش تتعب خيوله!

فياأيها العامل لله والمحب لأمتك: ربما في رفع روث الخيول من النفع والأجر واستدعاء النصر ما لايدركه ولا يقدمه القادة الكبار ..  م.خ