من القلب الجريح أهنيء شعبي الكريم بالعيد

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

منذ أن وعيت على هذه الدنيا وعرفت من يحكمنا , وكيف أن وطني الحبيب يتهاوى في بحور الظلام , وعشنا كلنا في مطباته وأفاعيه وأشباحه وخونته ومارقيه , كنا في كل عيد نهدي بعضنا التحايا من بعيد ونقول كل عام وأنتم بخير , في بحر الظلام هذا , نناشد لبعضنا الخير والأمان في ظل يفتقد لأبسط انواع الأمان , وفي الداخل رسائل وتبريكات تترى لهذا القائد المفدى والذي لم يترك موضعا للخيانة إلا ووضع رجله فيها ووقتل وتشريد وإن كنت لاتقاقي مثلهم فأنت في غياهب الظلام , ولم يدع موطيء قدم للخير إلا وحطمه بقدميه , آلاف تتبعها آلاف وفقدان يتبعها مفقودون وفقر وذل ومع هذا كله ترسل , نرسل التهاني والتبريكات من قلب ذلك الظلام

فلم يترك الظلام المحاك حولنا أفعى إلا ودخلت في حياتنا ولا عقارب ولا كلاب مسعورة إلا وتنهش في أجسادنا , ومع هذا كله كنا نقول كل عام وأنت بخير لبعضنا , في نفاق الكلمات وتلويين التعابير وفي القلوب السوداء كنا نود لو تظهر فيها بقع بيضاء

لم يعد يعجبني الجلوس على الطرقات , ولم أعد تهمني سوداء العيون ولا عسليتها ولا زرقاؤها , ولا الشعر المدلى على ظهرها والساتر لعنقها , بهتت الصورة كلها , وكل جمال اختفى تحت جنح ذلك الظلام

كنا نقول للخائن هو الحر الأبي والوطني المخلص , كنا نحيي الجبان ونهتف له في خذلانه أمام عدونا , نرفع له برقيات التهاني بعد كل عدوان على حلمه وصبره وعدم انجراره للحرب , كان الأب يخشى من ابنه لعله تقمص حية فأصبح من أفاعي الكوبرا السامة , كان الأخ يجانب أخاه ويتحاشاه , وكل شخص يسعى لخيانة أقرب الناس من أجل أن يستمر بوط  ذلك الذي يقاقي والذي تعود عليه الناس مرسوما نعله عليه

لن أسرح كثيراً في الآلام والجروح وغياهب الظلام

هو أول عيد يخرج فيه بني قومي من ذلك الظلام

هو أول عيد تصدح حناجرهم بالحقيقة , هو أول عيد سيمر وحنجرة الشهيد القاشوش , وأصابع فرزات تنضح بالكبرياء والرجولة والتحدي

هو أول عيد لبني قومي يشهد عليهم بأنهم خرجوا من أصلاب حر وحرة

هو عيد الفجر وعيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الخير والحرية والكرامة وعيد الشهداء والذين خرجت أرواحهم طاهرة زكية تنشر النور على أرض هذا الوطن الحبيب , وهو عيد التحرير

كل عام وأنتم بخير , كل عام والظلام غير موجود إلا في النفوس الحقيرة والواهنة والضعيفة والتي فقدت كل معنى للحياة

بارك الله لكم في طاعاتكم وبارك الله لكم في سعيكم للحرية والتحرير

لن تجدوا أبداً أجمل من هذا العيد , والذي أثبتم برمضانه كل أنواع الرجولة والكبرياء والتحدي

واكتمال الفرحة قادمة بإذن الله تعالى, فرحة الصائم وفرحة العيد وفرحة التحدي والرجولة وفرحة النصر والحرية والكرامة وانقشاع الظلام , وسقوط كل خائن ومجرم وجبان وعميل ومنحط وسافل ولا يمكن الخلاص من هؤلاء المجرمين إلا بتلك الجراح التي في قلوبنا على معتقلينا وشهدائنا وجرحانا ومشردينا , ولكن بصبركم وثباتكم وقوتكم سوف يقولون لكم وتقولون لهم بالفرحة العارمة والتهنئة الحقيقية كل عام وأنتم بخير ,تقولون لبعضكم ونقول لكم كل عام وأنتم بخير ونسعى بكل قوة لإعدام بشار ومن معه في الساحات العامة  وينقشع الظلام وإلى الأبد (فالتفاؤل يولد القوة والعزيمة , واليأس يولد الجبن والخنوع والخيانة ) وتفاؤلكم بالنصر هو الأكيد .

فلنرسل سوية طلب الرحمة لشهدائنا وأننا على الدرب وتحقيق الأهداف ماضون ونتمنى الشفاء العاجل لجراحنا وخروج معتقلينا ليجتمعوا هؤلاء الأحرار والأبطال ويحققوا لنا كل تلك الأعياد في القريب العاجل إن شاء الله تعالى , وكل عام وأنتم بخير ياأهل الشهداء والمعتقلين والمشردين والأبطال والذين ينيرون الشوارع والساحات وربوع الوطن بدمائهم الزكية  , أنامل صغيرة من انامل أطفال حوران أنارت أظافرهم المنزوعة الطريق أمامكم لخروجكم من الظلام , وكم العيد جميل هذا إن استغاث طفل في الشرق تداعت له كل الأصوات في الوطن من غربه لجنوبه لشماله هي الحياة الجديدة وكنا قبلها موتى وأحياء وأحياء ولكن ميتون, أما الآن فقد انقلبت الموازين وأيامكم قادمة سعيدة وبطولاتكم مفخرة لكم ولأجيالكم هذا هو معنى العيد عندي.