إنّه وطني
مرام شاهين
وحين أخطّ عن وطني .. تتزاحمُ الكلمات .. تتسابقُ الحروف ،
محاولة أن تشكّل من الأحمر ألفَ وصف ، لدماء نزفت قديماً وعاودت اليومَ النزيف ، روّت الأرض بصدقها أجيالاً مازالت تشتمّ إلى اليوم رائحة الدم وتتوعّد بالانتصار !
تراودني حروفٌ أخرى تريد أن تمحي بالأبيضِ سواد الظلم الذي طغى فعتى وتجبّر .. تريدُ أن ترسم بهذا البياض شيئاً من حريّة أرضعتها زوجة الشهيد أولادها ،
وغرستها أم الأسير شتلات في قلوبِ أحفادِهـا " ستكبرون يوماً لنراكم أبطالاً من حديد لا تهابُ الموت ، ستكبرُ معكم هذه الشّتلات لنقطف منها ثمارالنصر بعد الصبر .. ثمار العزّ بعد الهوان "
إنّه الأخضر الذي زيّن علمها بنجمتين حملتا كلّ تلك المعاني ونثرتاها على أراضي الغوطة .. من هُنـاك حيث الياسمين غطّى كل الأرجاء .. من درعا ومن حماة ، من إدلب ومن حلب ، من حمص ومن الجولان ..
من دمشق ، موطن الحضارات ومحضر البطولات .. حيثُ قلعة العظم تنادي "أنا للمجد أصل" وحيث المسجد الأمويّ منارة علم خرج من ساحاته البواسل ..
من هُنـاك .. وصولاً إلى سجون تدمر التي تصرخ كلها "الله أكبر .. نحنُ للإسلام جند .. نحنُ للشّـام أهل"
إنّـه وطني .. وطن لاتتسع لحروفه الورقات ، ولاحتى الأنظمة !
وطنٌ برجاله كان يُسمى .. وبشموخه الآن يُغنّى ..
إنه وطن لا كالأوطان .. يشتعلُ من بين عينيه ألفُ لهب ، مرشوش على ترابه العنبر والنرجس والنعمان ،
يختالُ بياسمينه :
أنا شــامُ نور الدين وابن القيّم والقسّـام
أنا سوريّــا .. والله يرعاني ..